الدفع هو لزوم الاجتناب عن موارد الضرر المحتمل ولكن يمكن أن يقال كما أفاد شيخنا الأعظم قدسسره إنّ الضرر (الدنيوي) وإن كان محتملا لا يرتفع احتماله بقبح العقاب إلّا أنّ الشبهة من هذه الجهة موضوعية لا يجب الاحتياط فيها باعتراف الأخباريين فلو ثبت وجوب دفع المضرة المحتملة فكان هذا مشترك الورود فلا بد على كلا القولين اما من منع وجوب الدفع وإمّا من دعوى ترخيص الشارع وإذنه فيما شك في كونه من مصاديق الضرر. (١)
هذا مضافا إلى إمكان المناقشة في كبروية القاعدة كما أفاد في الكفاية حيث قال إنّ المتيقن من الضرر الدنيوي فضلا عن محتمله ليس بواجب الدفع شرعا ولا عقلا ضرورة عدم القبح في تحمل بعض المضار ببعض الدواعي عقلا وجوازه شرعا مع أن احتمال الحرمة أو الوجوب لا يلازم احتمال المضرة.
وإن كان ملازما لاحتمال المفسدة أو ترك المصلحة لوضوح انّ المصالح والمفاسد التي تكون مناطات الأحكام وقد استقل العقل بحسن الأفعال التي تكون ذات المصالح وقبح ما كان ذات المفاسد ليست براجعة إلى المنافع والمضار وكثيرا ما يكون محتمل التكليف مأمون الضرر نعم ربما يكون المنفعة أو المضرة مناطا للحكم شرعا وعقلا (ولكن لا يثبت به الكلية).
إن قلت نعم ولكن العقل يستقل بقبح الإقدام على ما لا يؤمن مفسدته أو أنّه كالاقدام على ما علم مفسدته كما استدل به شيخ الطائفة قدسسره على أن الأشياء على الحظر أو الوقف.
قلت استقلاله بذلك ممنوع والسند شهادة الوجدان. (٢)
ويؤيده اتفاق العلماء من الاصوليين والأخباريين على عدم لزوم الاجتناب عما يحتمل وجود المفسدة فيه في الشبهات الموضوعية ولو كان العقل مستقلا بوجوب الدفع ذهبوا إلى الاحتياط فيها فتدبر.
__________________
(١) فرائد الاصول : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٢) الكفاية ٢ : ١٨٠.