فإنّ لسانها ليس لسان الحجية إذ لسان الحجية كما أفاد السيّد المحقق الخوئي قدسسره هو إلغاء الخلاف والبناء على أنّ مؤدى الطريق هو الواقع كما في أدلة الطرق والأمارات لا فرض عدم ثبوت المؤدى في الواقع كما هو لسان هذه الأخبار فهو غير مناسب لبيان حجية الخبر الضعيف في باب المستحبات ولا اقل من عدم دلالتها عليها بل مفاد هذه الأخبار مجرد الأخبار عن فضل الله تعالى وانه سبحانه بفضله ورحمته يعطي الثواب الذي بلغ العامل وإن كان غير مطابق للواقع فهي كما ترى غير ناظرة إلى العمل وإنّه يصير مستحبا لأجل طرو عنوان البلوغ ولا إلى إسقاط شرائط حجية الخبر في باب الاستحباب.
فتحصل أن قاعدة التسامح في أدلة السنن مما لا أساس لها. (١)
ثم لا يخفى عليك انه ذهب بعض الأعلام إلى أن اخبار من بلغ لا يشمل الخبر الضعيف لعدم صدق بلوغ الخبر عليه إلّا إذا تمّ مسند الخبر كما أنّ بلوغ العزل إلى الوكيل او بلوغ موت الزوج إلى زوجته لا يصدق على الخبر الضعيف وعليه فلا يشمل أخبار من بلغ ضعاف الأخبار ولكن لقائل أن يقول أوّلا : إن البلوغ أعم من البلوغ المعتبر وحمل البلوغ في العزل والموت على المعتبر من جهة القرينة وثانيا : إن بعض الأخبار يشتمل على من سمع وشموله لكل خبر ولو فان ضعيفا ظاهر فلا تغفل.
قال الشهيد الصدر قدسسره : وهذا الاحتمال وإن كان واردا في نفسه وقد يستشهد عليه بما ورد في لسان بعض الروايات (من بلغه ثواب على شيء من الخير) الظاهر في المفروغية عن خيرية ورجحان العمل الذي بلغ عليه الثواب في المرتبة السابقة إلّا أن حمل كل أخبار الباب حتى المطلق منها على ذلك لا موجب له. هذا مضافا إلى أن المراد من الخير الخير العنواني لا الواقعي. (٢) فالحاصل أن الأخبار المذكورة تدل على التفضل بإعطاء الثواب الذي بلغ العامل ولو بخبر ضعيف.
__________________
(١) مصباح الأصول ٢ : ٣١٩ ـ ٣٢٠.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ١٢٢.