العقوبة لأن استحقاقها مترتب على ثبوت المنع ولا يحتاج إلى ثبوت الترخيص فإذا ثبت عدم المنع ينتفي العقوبة ولو لم يثبت الترخيص.
وبالجملة يجرى استصحاب عدم الجعل لعدم المانع منه ولا فرق فيه بين الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية لأنّ الأحكام المجعولة تكون بنحو القضايا الحقيقية فتنحلّ إلى أحكام متعددة بحسب تعدد أفراد موضوعاتها كما لا يخفى.
المرتبة الثانية هي المرتبة الفعليّة والحكم الشرعي في هذه المرتبة متقوّم بتحقّق الموضوع خارجا لأنّ فعلية الحكم إنّما هي بفعلية موضوعه وعليه فيمكن استصحاب عدم التكليف الفعلي المتيقن قبل البلوغ في ما إذا شك في حكم شيء بهذه المرتبة.
لا يقال : إنّ المعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب بنفسه أو بأثره مجعولا شرعيا وعدم التكليف الأزلي غير قابل للجعل وليس له أثر شرعي فإنّ عدم العقاب من لوازمه العقلية فلا يجري فيه الاستصحاب لأنا نقول : بأنّ المعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب قابلا للتعبّد الشرعي ولا خفاء في أنّ عدم التكليف كوجوده قابل للتعبد عند جريان الاستصحاب وفي ظرف الشكّ.
ودعوى أنّ المعتبر في جريان الاستصحاب اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة ليصدق نقض اليقين بالشك عند عدم ترتيب الأثر حين الشكّ وفي المقام لا اتحاد من حيث الموضوع إذ الترخيص المتيقّن ثابت لعنوان الصبي على ما هو ظاهر قوله عليهالسلام رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وهو مرتفع بارتفاع موضوعه والمشكوك فيه هو الترخيص لموضوع آخر وهو البالغ فلا مجال لجريان الاستصحاب لأنه إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.
مندفعة بأنّ عنوان الصبي مقوّم للموضوع الدليلى وأمّا الموضوع الخارجى فهو باق عرفا فإنّ زيد بن عمرو مثلا إذا لم يكن قبل بلوغه محكوما بحكم وشككنا بعد بلوغه بأنّه صار محكوما بالحكم المذكور أم لا أمكن جريان الاستصحاب لبقاء الموضوع الخارجى عرفا.