والشيخ الطوسي في النهاية وغيرهم روايات وأخبار استندوا اليها في الفتاوى ، ويكفي في الوثوق بصدورها عملهم بها ، والفتوى بها فلا وجه لما يقال من أنّ القدماء لم يتعرضوا للاستدلال بالروايات والأخبار في كتبهم ليعلم استنادهم الى الخبر الضعيف.
ورابعا : أنّ مطابقة فتوى القدماء للخبر الضعيف وأن لم تدل على استنادهم في هذه الفتوى الى خصوص هذا الخبر لاحتمال أن يكون الدليل عندهم غيره ، ولكن تصلح تلك المطابقة للوثوق بصدور مضمون الخبر ؛ لأنّ القدماء لم يفتوا من دون دليل ، فاذا اجمعوا على الفتوى بشيء يكشف ذلك عن وجود دليل تام الدلالة على ذلك سواء كان هو الخبر الضعيف أو غيره مما يكون مطابقا له في المضمون. ومن المعلوم أنه كاف في الوثوق بصدور مضمون الخبر وإن لم يعلم استنادهم بخصوص الخبر الضعيف.
فتحصل : أن القول بانجبار الخبر الضعيف بعمل المشهور او فتاويهم تام كبرى بل صغرى فيما إذا أحرزنا عملهم بالخبر الضعيف أو فتاواهم بما يطابقه في المضمون ، فان الوثوق بالصدور حاصل في الفرض المزبور فالاستناد الى الخبر عند الاحراز أو مطابقة فتاوى الاصحاب معه يكفيان في جبر الخبر الضعيف ، فلا تغفل.
ثمّ إنه اذا عرفت أنّ ضعف الخبر أو مضمونه يجبر بالاستناد أو المطابقة انقدح أن اعراض الأصحاب أو المشهور عن الخبر مع صحة السند ووضوح الدلالة يوجب وهن الخبر وإن كان في أعلى الدرجة من السند والدلالة ، كما صرحوا بأنه كلما ازداد الخبر صحة ازداد ضعفا ووهنا.
ودعوى : أنّه لا وجه لرفع اليد عن الخبر بمجرد اعراض المشهور عنه بعد كونه صحيحا أو موثقا وموردا لقيام السيرة ومشمولا لاطلاق الادلة اللفظية.
نعم إذا تسالم جميع الفقهاء على حكم مخالف للخبر الصحيح أو الموثق في نفسه يحصل لنا العلم أو الاطمئنان بانّ هذا الخبر لم يصدر من المعصوم عليهالسلام أو صدر عن تقية فيسقط الخبر المذكور عن الحجية لا محالة ، ولكنه خارج عن محل الكلام.