الروايات الدالة على الإرجاع إلى ظواهر الكتاب مثل قوله عليهالسلام لما قال له زرارة من أين علمت أنّ المسح ببعض الرأس فقال : لمكان الباء. فعرفه مورد استفادة الحكم من ظاهر الكتاب ، وإلى غير ذلك من الموارد الكثيرة التي أشار إليها الشيخ الأعظم قدسسره. (١)
فحينئذ يكون مقتضى الجمع بين الأخبار هو حمل الأخبار الناهية على النهي عن التفسير بالرأي أو التفسير من دون فحص وتتبّع ؛ لأنّ جواز التمسك بظواهر القرآن عرض الأخبار المتعارضة على ظاهر القرآن وردّ الشروط المخالفة لظاهر القرآن والإرجاعات إلى ظواهر القرآن وغير ذلك من المسلّمات ، وهو قرينة على أنّ المقصود من الأخبار الناهية غير صورة الأخذ بالظهورات مع مراعاة الفحص والتّتبع والاجتناب عن الرأي الشخصي ، فتدبر جيّدا.
ولذلك قال المحقق الخراساني قدسسره : لا محيص عن حمل هذه الروايات الناهية عن التفسير به على ذلك ، ولو سلّم شمولها لحمل اللفظ على ظاهر ضرورة أنّه قضيّة التوفيق بينها وبين ما دلّ على جواز التمسك بالقرآن مثل خبر الثقلين وما دلّ على التمسك به والعمل بما فيه وعرض الأخبار المتعارضة عليه وردّ الشروط المخالفة له وغير ذلك مما لا محيص عن إرادة الإرجاع إلى ظواهره لا خصوص نصوصه ؛ ضرورة أنّ الآيات التي يمكن أن تكون مرجعا في باب تعارض الروايات أو الشروط أو يمكن أن يتمسك بها ويعمل بما فيها ليست إلّا ظاهرة في معانيها ، وليس فيها ما كان نصّا كما لا يخفى. (٢)
لا يقال : إنّ الرجوع إلى الكتاب عند تعارض الأخبار ليس من باب حجيّة الكتاب ، بل من جهة مرجحيّته كما يرجع إلى آراء العامّة من جهة المرجحية لا الحجية لأنا نقول : لحن الأخبار يخالف ذلك التوهم :
فإنّ منها ما يجعل الموافقة للقرآن معيارا للأخذ به وعدم الموافقة معيارا للردّ حيث
__________________
(١) راجع فرائد الاصول : ٣٦ ـ ٣٧.
(٢) الكفاية ٢ : ٦٢ ـ ٦٣.