بينه وبين الله غير جائز ولا شك في ذلك ولا دخل له بما نحن بصدده من لزوم الاحتياط في مقام العمل وعدمه. (١)
وعليه فإيجاب الأخذ بالمشهور وطرح الشاذ النادر معللا بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه لا يدل على وجوب رفع اليد عن شرب التتن مثلا بدعوى أنّه مما فيه ريب وتركه مما لا ريب فيه لأن الكلام المذكور في الرواية راجع إلى الأخذ بالرواية بعنوان أنّه طريق وحجة وبعبارة أخرى الرواية ناظرة إلى الأخذ بالرواية المشتبهة حجيّتها لا العمل والإتيان بالمشتبه الحكم فما شك في دليليته مطروح ولا يعتمد عليه في مقام الإفتاء وبيان الحكم الشرعي وهذا أمر لا خلاف فيه والشاهد على ذلك كما في مباحث الحجج هو التعبير بالاتباع في التثليث الأول حيث قال وإنّما الأمور ثلاثة أمر بين رشده فيتبع وأمر بين غيّه فيجتنب وامر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله.
فإنّ الاتباع يناسب باب الروايات والدلالات ولا يناسب اضافته إلى الحرمة والحلية كحكمين واقعيين بل لا معنى لإسناده إلى المشكل لأن الوارد فيها (وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله) إذ لو كان المقصود به الاحتياط دخل ذلك فيما يجتنب ولم يكن الرد قسما ثالثا فلا محالة يراد بالرد عدم الحجية. (٢)
وثانيا : كما في الدرر بأن التثليث المذكور في كلام الإمام عليهالسلام وحكمه برد المشكل إلى الله وإلى رسوله صلىاللهعليهوآله يكون ظاهرا في النهي عن القول بغير علم ولا إشكال فيه ولا يدفع ما ندعيه من المطلب الاصولي من جواز الارتكاب في قبال وجوب الاجتناب. (٣)
وثالثا : كما في مصباح الاصول بأن ما ثبت فيه الترخيص ظاهرا من قبل الشارع داخل في ما هو بيّن رشده لا في المشتبه كما هو الحال في الشبهات الموضوعية وبالجملة المشكوك حرمته كالمشكوك نجاسته وكما أن الثاني غير مشمول لهذه الأخبار كذلك الأول والملاك في
__________________
(١) الدرر : ٤٣٥.
(٢) مباحث الحجج ٢ : ٩٨.
(٣) راجع الدرر : ٤٣٥ ـ اصول الفقه لشيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره ٣ : ٥٨٩.