وبالجملة فنفي الأخص وهو النظر لا يدل على نفي الأعم وعليه فيمكن أن يقال بعدم وجوب الفحص فيما إذا احتاج إلى المقدمات بخلاف ما إذا لم يكن كذلك لحصول العلم بمجرد الرؤية كمن شك في بقاء الليل وهو على سقف مرتفع والهواء لا غيم فيه بحيث إذا فتح عينه إلى مطلع الفجر تبين له الأمر.
ودعوى أن الشك في هذا المورد أيضا صادق بالفعل فيشمله أدلة الإباحة مندفعة بانصرافه عما يذهب بأدنى التفات وعليه فلا مؤمن لترك الاحتياط بعد اختصاص صحيحة زرارة بنفي ما يحتاج إلى إعمال المقدمات اللهمّ إلّا أن يقال : يكفي دعوى الإجماع على عدم لزوم الفحص ولو بمثل ما لا يحتاج إلى المقدمات في الشبهات الموضوعية التحريمية ولا يترك الاحتياط بالفحص فيما إذا لم يحتج الفحص إلى المقدمات.
هذا كله بالنسبة إلى الشبهات الموضوعية التحريمية وأما الشبهات الموضوعية الوجوبية فقد اختلف فيها بين الأعلام في وجوب الفحص وعدمه قال شيخ مشايخنا المحقق الحائري قدسسره : عند مسألة الفحص عند الشك في تحقق المسافة وعدمه الأقوى الثاني لإطلاق دليل الأصل ولا دليل هنا على التقييد لأن الشبهة موضوعية ويظهر من شيخنا المرتضى قدسسره الترديد في ذلك قال رحمهالله تعالى وهل يجب الفحص أم لا وجهان من أصالة العدم التي لا يعتبر فيها الفحص عند إجرائها في موضوعات الأحكام ومن تعليق الحكم بالقصر على المسافة النفس الأمرية فيجب ليتحصل الواقع عند الشك امّا الجمع وامّا الفحص والاول منتف هنا إجماعا فتعين الثاني انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول أما ما جعله مبني لعدم وجوب الفحص فواضح وأما ما جعله مبني لوجوبه فلم يتحصل منه شيء فإن تعليق الحكم بالقصر على المسافة النفس الأمرية لا يوجب عدم جريان الأصل عند الشك وتحصيل الواقع وإن كان واجبا مع قطع النظر عن هذا الأصل الجاري في الموضوع للعلم الإجمالي بوجوب احد التكليفين لكن الأصل المفروض يوجب انحلاله بل لو لم يكن هنا هذا الأصل الجاري في الموضوع لكفى في الحكم بلزوم التمام الأصل الحكمي هذا.