فيدور الأمر بين عدم التعبّد بصدور ما عدا الواحد المتّفق على التعبّد به ، وبين عدم التعبّد بظاهر الواحد المتّفق على التعبّد به. ولا أولويّة للثاني ، بل قد يتخيّل العكس
____________________________________
وذلك لما عرفت من شمول دليل حجيّة السند لكليهما ، وتفصيل الكلام في المقام على ما في التنكابني :
إنّ هنا ثلاثة امور : دليل التعبّد بالصدور ، ودليل التعبّد بالظهور ، وتفرّع الأخذ بظاهر خبر على الأخذ بصدوره ، وكونه مسبّبا عنه لا عن صدور الآخر ، لعدم مدخليّته فيه ، والأوّل يقتضي البناء على صدور كلا الدليلين ، والثاني يقتضي البناء والأخذ بظهور كليهما أيضا ، لكن ذلك محال لتنافيهما ، والثالث يقتضي الدوران بين الشيئين ، إذ الأخذ بصدور أحدهما المعيّن إذا كان هناك رجحان واجب ومتيقّن ، بمعنى أنّه بعد البناء على الصدور في الجملة وعدم جواز طرح كليهما لا بدّ من البناء على صدور الراجح ، إذ لا مسوّغ للبناء على صدور المرجوح مع وجوده.
وكذلك الأخذ بصدور أحدهما المخيّر واجب ومتيقّن بالمعنى المزبور ، والعمل بالظاهر متفرّع على الأخذ بالصدور ، فالعمل بظاهر ما حكم بصدوره لازم ، لكن يعارضه دليل الأخذ بصدور الآخر لا بنفسه ، بل لأنّ الأخذ به يحقّق العمل بظهوره ، ولا تقدّم لأحدهما على الآخر لفرض كون دليلي الأخذ بظهور متيقّن الصدور والأخذ بصدور غير المتيقّن في مرتبة واحدة وعدم مزية أحدهما على الآخر ، وعدم كون أحدهما مسبّبا عن الآخر ، فلا أولويّة للأخذ بالسندين وطرح الظهورين الذي هو مقتضى الجمع على الأخذ بسند متيقّن الأخذ بالمعنى المزبور وظهوره أيضا وطرح الآخر بحسب السند الذي لازمه عدم العمل بظاهره للزوم العمل بظاهر كلام الإمام عليهالسلام ، لا بظاهر كلام غيره.
وكيف كان ، فمقتضى شمول دليل الحجيّة لكليهما هو الأخذ بظاهر كليهما وهو غير ممكن فيدور الأمر بين الطرح ، أعني : عدم التعبّد بصدور ما عدا الواحد المتّفق على التعبّد به ، وبين. الجمع ، أعني : عدم التعبّد بظاهر الواحد المتّفق على التعبّد به.
وقوله : ولا أولويّة للثاني إشارة إلى بطلان الوجه الرابع وهو حكومة دليل التعبّد بالصدور على دليل التعبّد بالظهور ، وملخّصه على ما في شرح الاعتمادي : إنّ الشكّ في اعتبار ظاهر أحدهما المتّفق على التعبّد به ليس مسبّبا عن الشكّ في اعتبار صدور ما عدا