ولا شكّ في حكم العرف وأهل اللسان بعدم إمكان العمل بقوله : أكرم العلماء ، ولا تكرم العلماء.
نعم ، لو فرض علمهم بصدور كليهما حملوا أمر الآمر بالعمل بهما على إرادة ما يعمّ العمل
____________________________________
المتعارضين ، فهذه الوجوه الأربعة كاشفة عن أنّ المراد من الإمكان ليس عقلا ، بل عرفا.
ونرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاعتمادي.
ولا شكّ في حكم العرف وأهل اللسان بعدم إمكان العمل بقوله : أكرم العلماء ، ولا تكرم العلماء مع عدم القرينة على إرادة خلاف الظاهر من أحدهما.
نعم ، قد قال بأنّ المتيقّن من كلّ منهما يكون قرينة على إرادة خلاف الظاهر ، إذ كلّ منهما نصّ في القدر المتيقّن ، لأنّ النصوصيّة كما تحصل بصراحة اللفظ تحصل ـ أيضا ـ بتيقّن الإرادة ، كتيقّن إرادة عدول العلماء من : أكرم العلماء وفسّاقهم ، من : لا تكرم العلماء ، بملاحظة تناسب الموضوع والحكم بعد التعارض.
فكلّما كان لكلّ من المتعارضين قدر متيقّن يدخل في تعارض النصّ والظاهر فترفع اليد عن عموم لا تكرم العلماء بنصوصيّة : أكرم العلماء ، في العدول ، وبالعكس ، وكذلك ترفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب في : أكرم زيدا ، بنصوصيّة النهي في مطلق المرجوحيّة في : لا تكرم زيدا ، وبالعكس ، فيحمل الأمر على مطلق الجواز ، والنهي على مطلق المرجوحيّة ، فتحصل الكراهة بناء على احتمال فاسد ، وهو كون الأمر نصّا في الجواز المشترك بين الأحكام الأربعة دون خصوص الثلاثة ، ويرفع اليد عنه إطلاق لا بأس ببيع العذرة بنصوصيّة ثمن العذرة سحت في النجسة ، وبالعكس.
هذا تمام الكلام في ما يمكن أن يقال في الجمع بين الدليلين ، ولكن يردّ بأنّ تيقّن الإرادة لا يؤثر في النصوصيّة والقرينيّة عند العرف إلّا إذا كان ارتكازيّا ، كما لو سئل عن المولى : هل يجب إكرام العلماء؟ فقال : أكرم العلماء ، وسئل عن المولى : هل يجب إكرام عدول العلماء؟ فقال : أكرم العلماء ، وسئل في مجلس آخر : هل يجب إكرام فسّاقهم؟ فقال : لا تكرم العلماء. وهذا بخلاف ما لو ورد عن المولى : أكرم العلماء ، ولا تكرم العلماء ، حيث لا تكون إرادة المتيقّن من كلّ منهما أمرا ارتكازيّا.
نعم ، لو قطع بصدورهما أو فرضنا حكومة دليل الصدور على دليل الظهور يكون