وقد يفصّل بين ما إذا كان لكلّ من الظاهرين مورد سليم عن المعارض ، كالعامّين من وجه ، حيث إنّ مادّة الافتراق في كلّ منهما سليم عن المعارض ، وبين غيره ، كقوله : اغتسل للجمعة ، وينبغي غسل الجمعة ، فيرجّح الجمع على الطرح في الأوّل ، لوجوب العمل بكلّ منهما في الجملة ، فيستبعد الطرح في مادّة الاجتماع بخلاف الثاني ، وسيجيء تتمّة الكلام إن شاء الله تعالى.
بقي في المقام : إنّ شيخنا الشهيد الثاني رحمهالله فرّع في تمهيده «على قضيّة أولويّة
____________________________________
شرعي إن قلنا بدخولهما في عموم الأخبار أي : أخبار العلاج فإنّ المستفاد منها هو التخيير مع فقد المرجّح ، لأمر الشارع به مع عدم المرجّح وعقلي أي : التخيير عقلي إن لم نقل بدخولهما في عموم أخبار العلاج ، وذلك لدوران الأمر بين المحذورين.
وقد يفصّل بين ما إذا كان لكلّ من الظاهرين مورد سليم عن المعارض ، كالعامّين من وجه كأكرم العلماء ، ولا تكرم الشعراء حيث إنّ مادة الافتراق في كلّ منهما وهي العالم غير الشاعر والشاعر غير العالم سليم عن المعارض لأنّ التعارض بينهما يكون في مادة الاجتماع وهي العالم الشاعر وبين غيره كالمتباينين كقوله : اغتسل للجمعة الظاهر في الوجوب وينبغي غسل الجمعة الظاهر في الندب فيرجّح الجمع على الطرح في الأوّل ، لوجوب العمل بكلّ منهما في الجملة أي : في مادة الافتراق فيستبعد الطرح في مادة الاجتماع بخلاف الثاني أي : مثل اغتسل للجمعة ، وينبغي غسل الجمعة ، حيث يطرح أحدهما رأسا ويعمل بالآخر.
بخلاف مثل : إكرام العلماء ، ولا تكرم الشعراء ، حيث يعمل بكلّ منهما في مادة الافتراق قطعا لعدم التعارض بينهما فيها ، وإنّما التعارض بينهما في مادة الاجتماع ، فلو رجعنا في مادة الاجتماع إلى الأخبار العلاجية ، فطرحنا مثلا قوله : أكرم العلماء ، فيلزم كونه محكوما بالصدق والكذب وهو محال عقلا.
وخلاف ظاهر أدلّة حجيّة الخبر والأخبار العلاجيّة ، وفيه : إنّ المستحيل صدور الخبر وعدم صدوره ، وأمّا التعبّد بالصدور ظاهرا بالنسبة إلى مورد دون مورد فلا امتناع فيه ، وليس فيه مخالفة لظاهر الأدلّة ، ولا يخفى جريان الكلام ـ سؤالا وجوابا ـ في تعارض العموم المطلق لو طرح العامّ في مادة الاجتماع ، كما في شرح الاعتمادي.