بل بمعنى أنّ شيئا منهما ليس طريقا في مؤدّاه بالخصوص.
ومقتضاه الرجوع إلى الاصول العمليّة إن لم يرجّح بالأصل الخبر المطابق له ، وإن قلنا بأنّه مرجّح خرج عن مورد الكلام ، أعني : التكافؤ ، فلا بدّ من فرض الكلام فيما لم يكن هناك
____________________________________
بل بمعنى أنّ شيئا منهما ليس طريقا في مؤدّاه بالخصوص ، لكن لا لعدم حجيّة واحد منهما ، بل لانتفاء الملاك عنهما بالنسبة إلى كلّ من المعنيين المطابقين. وأمّا بالنسبة إلى معناهما الالتزامي ، أعني : نفي الثالث ، فملاك حجيّتهما باق على حاله.
فيكونان معا دليلين على نفي الثالث لعدم تعارضهما بالنسبة إلى نفي الثالث ؛ لأنّ المانع عن المقتضي إنّما هو بالنسبة إلى جواز العمل بخصوص مدلول كلّ منهما ولو تخييرا ، وهو لا ينافي دعوى بقاء المقتضي لنفي احتمال ثالث ، فإذا دلّ أحد الخبرين على وجوب الجمعة والآخر على الحرمة فتساقطهما في إثبات الوجوب والحرمة لا ينافي نفيهما احتمال غيرهما ، كالاستحباب مثلا ؛ لأنّ مقتضى نصب الطريق هو كونه مثبتا لمدلوله ، فإذا دلّ على وجوب فعل لدلّ على انتفاء غيره من الأحكام الأربعة ، فإذا عارضه طريق آخر دال على حرمة ذلك الفعل ، فهما إنّما يتعارضان في إثبات الوجوب والحرمة لا في نفي غيرهما.
ولذا اختار المصنف قدسسره أنّ مقتضى القاعدة على القول بالطريقيّة هو التساقط والرجوع إلى الأصل الموافق لأحدهما إن لم يكن الأصل مرجّحا ، إذ حينئذ يخرج عمّا هو محلّ الكلام من التعادل إلى التراجيح ، ولا يجوز الرجوع إلى الأصل المخالف لهما ، بل يحكم حينئذ بالتخيير عقلا ، كما في الأوثق.
فنبدأ بشرح العبارة طبقا لما في شرح الاعتمادي :
ومقتضاه ، أي : التوقف الرجوع إلى الاصول العمليّة إن طابق الأصل أحدهما ، وإلّا فإلى التخيير عقلا بين الاحتمالين.
ومثال الأوّل هو ما إذا فرضنا دلالة خبر على وجوب غسل الجمعة وآخر على عدم الوجوب ، يرجع إلى البراءة الموافقة لما دلّ على عدم الوجوب ، ومثال الثاني هو التعارض بين ما دلّ على وجوب الظهر وما دلّ على وجوب الجمعة ، حيث لا يرجع إلى البراءة المخالفة لهما ، بل إلى التخيير بين الاحتمالين.