ثمّ المحكيّ عن جماعة ، بل قيل : إنّه ممّا لا خلاف فيه ، أنّ التعادل إن وقع للمجتهد في عمل نفسه كان مخيّرا في عمل نفسه ، وإن وقع للمفتي لأجل الإفتاء فحكمه أن يخيّر المستفتي فيتخيّر في العمل كالمفتي ، ووجه الأوّل واضح وأمّا وجه الثاني ، فلأنّ نصب الشارع للأمارات وطريقيّتها يشمل المجتهد والمقلّد ، إلّا أنّ المقلّد عاجز عن القيام بشروط العمل بالأدلّة من حيث تشخيص مقتضاها ودفع موانعها.
____________________________________
الشخصي ، كما يظهر ، أي : إناطتها به من صاحب المعالم رحمهالله في تقرير دليل الانسداد.
فإنّ اعتبار الأمارات إن كان منوطا بالظنّ الشخصي فذلك يناسب الطريقيّة المحضة ، حيث لم يلاحظ فيها إلّا الظنّ بالواقع وإدراك مصلحته ، وأمّا إذا كان منوطا بالظنّ النوعي كما هو المشهور ، فذلك يناسب السببيّة في الجملة ، بمعنى عدم كون تمام المناط في الاعتبار مصلحة الواقع ، بل لوحظ أيضا مصلحة في نفس الأمارة ، ولذا يعمل بها وإن لم تفد الظنّ الشخصي ، فلعلّ القائل بالسببيّة يريد ذلك لا السببيّة المصطلحة ، بأن لا يلاحظ في الحجيّة إلّا مصلحة نفس العمل بالأمارة ، كما في شرح الاعتمادي.
ثمّ جعل الاستاذ الاعتمادي ما يأتي في كلام المصنف قدسسره من المطالب تحت عنوان التنبيه ، حيث قال : ينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : المحكيّ عن جماعة منهم العلّامة رحمهالله ، بل قيل : إنّه ممّا لا خلاف فيه ، أنّ التعادل إن وقع للمجتهد بأن كان مورد التعارض محلّ ابتلاء لنفس المجتهد مع قطع النظر عن الإفتاء للغير كان مخيّرا في عمل نفسه ، فله أن يختار أحد الخبرين للعمل.
وإن وقع للمفتي لأجل الإفتاء بأن أراد المجتهد بيان الفتوى في الواقعة المتعارض فيها الخبران فحكمه أن يخيّر المستفتي فيتخيّر في العمل كالمفتي ، ووجه الأول واضح ؛ لأن موضوع التخيير ـ وهو التحيّر ـ متحقّق ، وذلك فإنّ المجتهد متحيّر في العمل بأيّ الخبرين ، فيكون حكمه هو التخيير.
وأمّا وجه الثاني ، فلأنّ نصب الشارع للأمارات وطريقيّتها يشمل المجتهد والمقلّد.
لأنّ الأحكام متوجّهة إلى عامّة المكلّفين ، من دون اختصاصها بالمجتهدين ، ولذا كان يرجع العوام في أعصار المعصومين عليهمالسلام إلى الأخبار الواردة عنهم ، ويعملون بها ويعالجون متعارضاتها ، كما يصنع المجتهدون في يومنا هذا.