التأمّل ، وإن كان وجه المشهور أقوى ، هذا حكم المفتي.
وأمّا الحاكم والقاضي ، فالظاهر ـ كما عن جماعة ـ أنّه يتخيّر أحدهما فيقضي به ، لأنّ القضاء والحكم عمل له لا للغير فهو المخيّر ، ولما عن بعض : من أنّ تخيير المتخاصمين لا ترفع معه الخصومة ، ولو حكم على طبق إحدى الأمارتين في واقعة ، فهل له الحكم على طبق الاخرى في واقعة اخرى؟.
____________________________________
وبالجملة بناء على حجيّة قول اللغوي وجريان التخيير في مطلق المتعارضين يكون زمام التخيير بيد المجتهد ، فيختار الحكم المتفرّع على أحد القولين ويفتي به ، ويأتي التفصيل كما في شرح الاعتمادي.
والمسألة محتاجة إلى التأمّل ، وإن كان وجه المشهور أقوى.
وذلك لأنّ القدر المتيقّن من رجوع المقلّد إلى المجتهد إنّما هو في الأحكام الشرعيّة المجهولة التي استنبطها من مضامين الأدلّة لا ما أخذه بالهواء والإرادة النفسانيّة ، ومضمون الأدلّة ليس إلّا التخيير ، ومختاره إنّما جاء من قبل إرادته ولا دليل على وجوب متابعته.
والأولى هو العمل بالاحتياط ، بأن يفتي أولا بالتخيير ثمّ أعلم المقلّد بالمختار إرشادا ، كما في التعليقة.
وقال الاستاذ الاعتمادي في المقام ما هذا لفظه : لعلّ وجه القوة هو أنّ منشأ نيابة المجتهد عن المقلّد إنّما هو عجزه عن القيام بشروط العمل بالأدلّة ، وبعد إثبات الوظيفة في المتكافئين هو التخيير ، فاختيار أحد الخبرين مقدور للمكلّف فلا مقتضى للنيابة فيه ، مضافا إلى ما عرفت من أنّ إلزام المقلّد بمضمون أحد الخبرين لم يقم عليه دليل.
وأمّا الحاكم والقاضي ، فالظاهر ـ كما عن جماعة ـ أنّه يتخيّر أحدهما فيقضي به.
مثلا : إذا وقع النزاع في الحبوة وهي العطيّة من تركة الأب للولد الأكبر ، وكانت الأخبار فيها متعارضة ، بأن دلّ بعضها بحصرها بالثياب والخاتم ، والسيف ، والمصحف ، وبعضها بإضافة الدرع ، فيختار الحاكم عند المرافعة إليه أحدهما ويقضي به.
وذلك لأنّ القضاء في الخصومات والمنازعات والحكم بين الناس عمل له لا للغير فهو المخيّر. هذا تمام الكلام في التنبيه الأوّل.
والتنبيه الثاني ما أشار إليه بقوله : ولو حكم ، أي : المجتهد والقاضي على طبق إحدى