وقد يستدلّ على وجوب الترجيح : بأنّه لو لا ذلك لاختلت نظم الاجتهاد ، بل نظام الفقه ، من حيث لزوم التخيير بين الخاصّ والعامّ والمطلق والمقيّد وغيرهما من الظاهر والنصّ المتعارضين.
وفيه : إنّ الظاهر خروج مثل هذه المعارضات عن محلّ النزاع ، فإنّ الظاهر لا يعدّ معارضا للنصّ ، إمّا لأنّ العمل به لأصالة عدم الصارف المندفعة بوجود النصّ ، وإمّا لأنّ ذلك لا يعدّ تعارضا في العرف ، ومحلّ النزاع في غير ذلك.
وكيف كان ، فقد ظهر ضعف القول المزبور وضعف دليله المذكور له ، وهو عدم الدليل
____________________________________
وقد يستدلّ على وجوب الترجيح : بأنّه لو لا ذلك لاختلّت نظم الاجتهاد ، بل نظام الفقه ، من حيث لزوم التخيير بين الخاصّ والعامّ والمطلق والمقيّد وغيرهما من الظاهر والنصّ المتعارضين.
كقوله : ينبغي غسل الجمعة ، الظاهر في الندب ، وقوله : يعاقب على ترك غسل الجمعة ، النصّ على وجوب غسل الجمعة.
وملخّص الكلام أنّه لو لم يجب الترجيح وحكم بالتخيير بين الخاص والعام مثلا لاختلّ أمر الاجتهاد ؛ لأن الاجتهاد هو معرفة العام والخاص ومعالجتهما بحمل العام على الخاص مثلا. ولزم أيضا تغيير الأحكام عن وجوهها وتأسيس فقه جديد.
وفيه : إنّ الظاهر خروج مثل هذه المعارضات عن محلّ النزاع ، فإنّ الظاهر لا يعدّ معارضا للنصّ عند العرف.
وذلك لورود النصّ على الظاهر كورود الأدلّة على الاصول العقليّة إن كان النصّ قطعيّا من جميع الجهات وحكومته عليه نظير حكومتها على الاصول الشرعيّة إن لم يكن كذلك ، وقد عرفت سابقا أنّ الوارد والمورود والحاكم والمحكوم لا يكونان من المتعارضين.
لأنّ العمل به لأصالة عدم الصارف المندفعة بوجود النصّ ، أي : حجيّة الظواهر منوطة بعدم القرينة على الخلاف والنصّ قرينة.
وإمّا لأنّ ذلك ، أي : تعارض النصّ والظاهر نظير تعارض الأظهر والظاهر لا يعدّ تعارضا في العرف ، بل هو مورد الجمع المقبول والترجيح الدلالي المسلّم ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.