وإن شئت قلت : إنّ حكم العامّ من قبيل لازم الوجود للشكّ السببي ، كما هو شأن الحكم الشرعي وموضوعه ، فلا يوجد في الخارج إلّا محكوما.
والمفروض أنّ الشكّ المسبّبي ـ أيضا ـ من لوازم وجود ذلك الشكّ ، فيكون حكم العامّ وهذا الشك لازمين لملزوم ثالث في مرتبة واحدة ، فلا يجوز أن يكون أحدهما موضوعا
____________________________________
المسبّبي للعموم المذكور يتوقّف على خروج الفرد الآخر وهو الشكّ السببي عن العموم ، لأنّ الشكّ السببي إذا دخل في العموم يرتفع الشكّ المسبّبي ولو حكما ، لأنّ مقتضى جريان الاستصحاب في الشكّ السببي ذلك ، على ما سبق تحقيقه ، والمفروض أنّه لا باعث على خروجه إلّا دخول الشكّ المسبّبي فيه ، فيكون خروج السببي متوقّفا على دخول المسبّبي ودخوله متوقّفا على خروج السببي وهو دور محال.
وهذا نظير ما سيأتي في باب التعادل والترجيح من أنّه إذا تعارض العامّ والمطلق ودار الأمر بين تقييد المطلق وتخصيص العامّ وجب الحكم بتقييد المطلق دون تخصيص العامّ ، لأنّ المطلق دليل تعليقي والعامّ دليل تنجيزي ، والعمل بالتعليقي موقوف على طرح التنجيزي لتوقّف موضوعه على عدمه ، فلو كان طرح التنجيزي متوقّفا على العمل بالتعليقي لزم الدور». انتهى مورد الحاجة.
وكيف كان ، فقد أشار إلى الوجه الثاني من وجهي دفع الإشكال بقوله :
وإن شئت قلت : إنّ حكم العامّ أعني : حرمة نقض اليقين بالشكّ من قبيل لازم الوجود للشكّ السببي كما أنّ الحرارة لازم الوجود للنار ، لأنّ فرديّة الشكّ السببي للعامّ لا تتوقف على شيء كما هو شأن الحكم الشرعي وموضوعه حيث يكون الحكم الشرعي لازما لوجود موضوعه فلا يوجد في الخارج إلّا محكوما فلا يوجد الشكّ السببي في الخارج إلّا حال كونه محكوما بحرمة النقض.
والمفروض أنّ الشكّ المسبّبي ـ أيضا ـ من لوازم وجود ذلك الشكّ السببي ، إذ ما لم يكن شكّ في طهارة الماء لم يكن شكّ في بقاء نجاسة الثوب فيكون حكم العامّ وهذا الشكّ لازمين لملزوم ثالث وهو الشكّ السببي ، إذ كما أنّ حرمة النقض لازم لوجود الشكّ السببي كذلك الشكّ المسبّبي لازم لوجوده ، فيكون كلا اللازمين في عرض واحد ورتبة واحدة ، كما أشار إليه بقوله : في مرتبة واحدة فلا يعقل تقدّم أحدهما على الآخر ، ولازم