فلا يناسبها التعدّد ولا غفلة الحكمين عن التعارض الواضح لمدرك حكمه ، ولا اجتهاد المترافعين وتحرّيهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الآخر ، ولا جواز الحكم من أحدهما بعد حكم الآخر.
____________________________________
مجتهدين :
تارة : يكون بعنوان استعلام حكم المسألة.
واخرى : بعنوان التحكيم ، بأن يقول في الفرض الأوّل ـ كلّ منهما لمرجعه ـ : افتني فأفتى أو حدثني فنقل كلّ منهما حديثا ، وهذا كان متعارفا في زمن الأئمة عليهمالسلام ، ويؤيّده قوله : وكلاهما اختلفا في حديثكم.
وأن يقول في الفرض الثاني ـ كلّ منهما للقاضي الذي رضى بقضاوته أو للقاضي الشرعي المصطلح ـ : أحكم بيننا ، فقال : حكمت بهذا الحديث.
إذا عرفت هذه المقدّمة ، فنقول : إنّه لا مانع من تعدّد الحكمين في الفرض الأوّل ، فيرجع كلّ منهما إلى مفت ومحدّث ليعلم ويعمل ، فإن حصل الوفاق فهو وإن اتّفق تعارض الخبرين كما هو المفروض في الرواية فلا مانع من ملاحظة الراجح والمرجوح ثمّ العمل بالراجح ، وبديهي أنّه لا بعد في نقل المحدّثين حديثين متعارضين ، كما لا بعد في الإفتاء على طبق كلّ منهما ، وهذا بخلاف الفرض الثاني ، فيرد عليه امور :
منها : ما أشار إليه بقوله : فلا يناسبها التعدّد ، إذ لا يحصل به الغرض ، أعني : فصل الخصومة.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : ولا غفلة الحكمين عن التعارض الواضح لمدرك حكمه.
يعني : أنّ المتعارضين الموجبين لاختلاف الحكمين لا يكونان إلّا متعارضين واضحين ، وبعيد عن مثل الحاكم عدم الاطلاع بالمعارض الواضح ، وفيه أنّه لا بعد في ذلك ، إذ لم تكن الأخبار يومئذ مجتمعة عند كلّ أحد ، مضافا إلى إعراض كلّ منهما عن مستند الآخر ، لأجل احتمال كون المعارض غير تامّ من حيث السند أو الدلالة.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : ولا اجتهاد المترافعين وتحرّيهما في ترجيح مستند أحد الحكمين على الآخر ؛ لأنّ وظيفة المترافع متابعة حكم الحاكم وليس من شأنه الفحص عن مدرك حكم الحاكم والتحرّي في الترجيح عند التعارض ، فكيف حكم الإمام عليهالسلام