ولذا لم يسأل الراوي عن صورة وجود بعض الصفات دون بعض أو تعارض الصفات بعضها مع بعض ، بل ذكر في السؤال أنّهما ـ معا ـ عدلان مرضيّان لا يفضل أحدهما على صاحبه ، فقد فهم أنّ الترجيح بمطلق التفاضل ، وكذا يوجّه الجمع بين موافقة الكتاب والسنّة ومخالفة العامّة مع كفاية واحدة منها إجماعا.
____________________________________
يكون ظاهرا في كون المجموع مرجّحا واحدا ، وبين ما هو المراد منها وهو جواز الترجيح بكلّ منها. هذا هو حاصل الإشكال بالوجه الثالث.
قال الاستاذ الاعتمادي في المقام ما هذا لفظه : أقول : لعلّ نظره رحمهالله ـ حيث ادّعى أوّلا ظهور الرواية في الترجيح بالمجموع ، ثمّ أنكره وادّعى ظهورها في إرادة الترجيح بكلّ واحد ـ إلّا أنّ الأول ظهور موهومي ناشئ عن ذكر مجموع الصفات في مكان واحد ، عاطفا بالواو الدالّ على الشركة في الحكم ، فيتوهّم في بادئ النظر ظهور الرواية في الترجيح بالمجموع.
والثاني ، ظهور حقيقي دقّي بملاحظة أنّ الواو ظاهر في الاشتراك في الحكم ، لا في اعتبار الاجتماع في الوجود. والعرف يفهمون في مثل هذا العطف كون كلّ من المعطوف والمعطوف عليه مناطا مستقلّا في الحكم.
ولذا ، أي : لظهور كفاية كلّ منها في المرجّحيّة لم يسأل الراوي عن صورة وجود بعض الصفات دون بعض ، وذلك فإنّ الراوي قد فهم كفاية البعض في المرجّحيّة ، كما إذا كان أحدهما أعدل مع تساويهما في الورع والفقه.
أو تعارض الصفات بعضها مع بعض ، لأنّه قد فهم أنّه ـ حينئذ ـ لا ترجيح بينهما ، فقد فهم أنّ الترجيح بمطلق التفاضل لا باجتماع الصفات ، وكذا يوجّه الجمع بين موافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامّة مع كفاية واحدة منها إجماعا.
وحاصل الكلام في المقام أنّه لو كان الخبران المتعارضان معا موافقين للعامّة أو مخالفين لهم ، وكان أحدهما موافقا للكتاب أو السنّة كفى في الترجيح ، وكذا لو كانا معا موافقين للكتاب والسنّة أو غير موافقين لهما ، وكان أحدهما مخالفا للعامّة.
ثمّ إنّ هذا الإشكال ـ أيضا ـ على تقدير تماميّته لا يقدح في ظهور الرواية ، بل صراحتها في وجوب الترجيح بعدّة امور بالبيان المتقدّم ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.