فالمراد إرجاع الظاهر إلى النصّ أو إلى الأظهر.
وهذا المعنى لمّا كان مركوزا في أذهان أهل اللسان ولم يحتج إلى البيان في الكلام المعلوم الصدور عنهم ، فلا يبعد إرادة ما يقع من ذلك في الكلمات المحكيّة عنهم بإسناد الثقات ، التي
____________________________________
فنقول قوله عليهالسلام : ولا تتّبعوا متشابهها قرينة على أنّ مراده عليهالسلام من ردّ المتشابه إلى المحكم هو المتشابه بمعنى المؤوّل.
فالمراد إرجاع الظاهر إلى النصّ ، كما في أكرم العلماء ولا تكرم النحاة أو إلى الأظهر ، كما في ينبغي غسل الجمعة ويجب غسل الجمعة.
قال التنكابني ردّا لقول المصنف ـ أعني : ولا معنى للنهي عن اتّباع المجمل ـ ما هذا لفظه : يمكن اتّباع المجمل بحمله على أحد معانيه المحتملة بمجرّد الرأي والتشهي ، كما أنّه يمكن اتّباع المؤوّل لذلك ، وحينئذ فيمكن النهي عن اتّباعه ، بل صريح قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)(١) وقوع ذلك من أهل الزيغ والأهواء الباطلة الفاسدة وذمّهم من جهة ذلك.
ومن العجيب أنّه قدسسره قد ذكر ذلك في باب حجيّة ظواهر القرآن ، فحمل أخبار الذمّ على تفسير القرآن بالرأي على ذلك ، فقال : وحينئذ فالمراد بالتفسير بالرأي إمّا حمل اللفظ على خلاف ظاهره أو أحد احتماليه ، لرجحان ذلك في نظره القاصر وعقله الفاتر.
ويرشد إليه المروي عن مولانا الصادق عليهالسلام قال في حديث طويل : وإنّما هلك الناس في المتشابه ، لأنّهم لم يتفطّنوا على معناه ولم يعرفوا حقيقته فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم ... إلى آخره (٢). انتهى مورد الحاجة من كلامه. فنرجع إلى ما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، حيث قال :
فإن قلت : لو كان مراده عليهالسلام هو الجمع الدلالي المذكور لم يكن هذا محتاجا إلى البيان.
قلت : وهذا المعنى لمّا كان مركوزا في أذهان أهل اللسان ولم يحتج إلى البيان في الكلام المعلوم الصدور عنهم ، أي : في تعارض قطعي الصدور ، فلا يبعد إرادة ما يقع من ذلك ، أي : من تعارض الظاهر والأظهر.
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) البحار ٩٠ : ١٢. الوسائل ٢٧ : ٢٠١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٣ ، ح ٦٢.