غاية الأمر : إنّ الأوّل من قبيل عدم البيان ، والثاني من قبيل بيان العدم ، ولا قبح فيه بعد فرض المصلحة ، مع أنّ بيان العدم قد يدّعى وجوده في الكلّ ، بمثل قوله صلىاللهعليهوآله في خطبة الغدير في حجّة الوداع :
(معاشر النّاس ما من شيء يقرّبكم إلى الجنّة ويباعدكم عن النّار إلّا وقد أمرتكم به ، وما من
____________________________________
غاية الأمر : إنّ الأوّل من قبيل عدم البيان.
حيث لم يبيّن مثلا وجوب الصوم أو حرمة الربا.
والثاني من قبيل بيان العدم.
حيث بيّن عموم حلّ إكرام العلماء وهو بيان لعدم الوجوب وعدم الحرمة.
ولا قبح فيه بعد فرض المصلحة ، مع أنّ بيان العدم قد يدّعى وجوده في الكلّ ، أي : في كلتا المسألتين معا ، بمثل قوله صلىاللهعليهوآله في خطبة الغدير في حجّة الوداع.
يمكن أن يكون المراد من الكلّ جميع الواجبات والمحرّمات التي تضمّنتهما المخصّصات والمقيّدات التي قد اخّر بيانها. وكيف كان ، فوجه كون الخبر المذكور بيانا للعدم أنّ المستفاد منه أنّ الرسول صلىاللهعليهوآله قد بيّن جميع الواجبات والمحرّمات لعامّة الناس ، فكلّ ما لم يكن بواجب أو محرّم عند الناس ليس بواجب ولا محرّم عند الله تعالى وعند الرسول صلىاللهعليهوآله ، ومن جملته ما ادّعي خفاؤه وتأخير بيانه عن وقت الحاجة ، فيدلّ الخبر على عدم كونه واجبا أو محرّما عند الله تعالى ، وإلّا لزم عدم بيان الرسول صلىاللهعليهوآله الحكم الإلزامي بالطريق الكلّي لعامّة أصحابه ، وهو باطل للخبر المذكور.
لكنّ الدعوى المذكورة في محلّ المنع ، إذ لعلّ مقصوده صلىاللهعليهوآله بيان جميع الأحكام للوصي عليهالسلام ، بعد نصبه علما وهاديا للامّة ومرجعا لهم في امور الدين والدنيا جميعا ، وتكليفهم بالرجوع إليه في جميع الحوادث والوقائع ، فكلّ ما فات عليهم من المنافع ووصل إليهم من المضار فإنّما حدث من قبل أنفسهم ، من جهة عدم رجوعهم إليه عليهالسلام.
وبالجملة ، بيان الأحكام للوصي ونصبه خليفة ووصيا وإرجاع الناس إليه بمنزلة بيان جميع الأحكام لهم ، فلا غرو في نسبة بيان جميع الأحكام لهم إليه صلىاللهعليهوآله ، كما في التنكابني. فنرجع إلى توضيح العبارة طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي.
معاشر الناس ما من شيء يقرّبكم إلى الجنة ويباعدكم عن النار إلّا وقد أمرتكم به ، وما من