____________________________________
الإطلاق لا يوجب تجوّزا في اللفظ لفرض خروجه من مدلوله ، كما عرفت. إلى أن قال :
ولعلّ المشهور أيضا لا يقولون بالمجازيّة هنا وإن نسب إليهم القول بالتجوّز على وجه الإطلاق بحيث يشمل المقام أيضا. ومن هنا يظهر أنّه إذا دار الأمر بين التخصيص وتقييد مثل هذا الإطلاق فهو من قبيل دوران الأمر بين الأصل والدليل ؛ لأن العمل بالثاني من باب عدم البيان وعموم العامّ بيان له بلا إشكال ، كما أوضحه المصنف قدسسره.
والثاني : الإطلاق بحسب الفرد المنتشر المعبّر عنه بالحصّة الشائعة كما عرّفه بها جماعة ، مثل أعتق رقبة ، بناء على كون التنوين للتنكير ، ومحصّل نزاعهم واحتجاجاتهم في حصول التجوّز بالتقييد في هذا القسم ، هو أنّ من يقول بالتجوز يدّعي أنّ مدلول رقبة في المثال بحسب الوضع هو الفرد المنتشر بوصف التعرية عن جميع القيود ، حتى القيود الثابتة من الخارج ، كما إذا ثبت بالإجماع كون المكلّف به في المثال هو المؤمنة.
فيكون حينئذ استعمال لفظ رقبة في غير حال التعرية مجازا لا محالة ، لانتفاء جزء الموضوع له ، وأمّا من يقول بالحقيقة فيدّعي كون مدلول رقبة هو الفرد المنتشر مطلقا ، بمعنى وضعه لمعنى يجتمع مع الإطلاق والتقييد من دون أن يكون شيء منهما مأخوذا في الموضوع له ، وهي الطبيعة المهملة ، وحيثما تطلق المطلقات مطلقة أو مقيّدة بشيء فالمراد بها هذه الطبيعة المهملة ، كما يقول به سلطان العلماء ، وهذا هو المختار للتبادر ؛ لأنا لا نفهم من المطلقات إلّا هذا المعنى.
نعم ، إن اريد القيد من لفظ المطلق كان مجازا ، والظاهر أنّ سلطان العلماء ـ أيضا ـ لا ينكر ذلك ، والإطلاقات العرفيّة منزّلة على غير هذه الصورة ، وهي إرادة المطلق في ضمن المقيّد بالحمل المتعارف ، بأن يثبت القيد من الخارج ، لا أن يكون مرادا من لفظ المطلق مع الطبيعة. وعلى هذا القول يكون الحكم بالإطلاق لأجل عدم البيان ، لا لأجل ظهوره في الإطلاق ، وحيث كان ظهور العامّ صالحا للبيانيّة يقدّم التقييد على التخصيص عند دوران الأمر بينهما.
الثالث : الإطلاق بحسب الطبيعة المعرّاة مطلقا ، حتى عن قيد الفرد المنتشر ، أعني : الطبيعة المطلقة. والكلام فيه من حيث كون التقييد مورّثا للتجوّز وعدمه كسابقه.