____________________________________
لمذهب الشافعي ـ ما هذا لفظه : ولا يقدح حكاية مضمون الأخبار المخالفة ، فإنّ ما يوافق رأي أبي حنيفة اولى بالحمل على التقيّة. انتهى.
وفي مفتاح الكرامة حمل أخبار الوجوب المطابقة لمذهب مالك على التقيّة ؛ لأن مذهب أبي حنيفة لم يشتهر في زمان الصادق عليهالسلام وإنّما اشتهر مذهب مالك في زمانه عليهالسلام. انتهى.
وقال في مفتاح الكرامة أيضا في كتاب الصلاة في باب المواسعة والمضايقة : لم يكن الشافعي في زمان الصادق عليهالسلام ولا اشتهر أمره في زمان الكاظم عليهالسلام ، وإنّما ولد قبل وفاة الصادق عليهالسلام بسنتين ، ونشأ بمكة واشتهر أمره بها وأقام بها حتى مات ولم يشتهر مذهبه في العراق إلّا بعد حين ، والظاهر أنّ اشتهاره إنّما كان في زمان الملك الظاهر ، فالتقيّة إنّما هي من الذي كان دأبه خلاف الصادق عليهالسلام ، وقد قال : «خالفت جعفرا في كلّ ما سمعته منه ولا أدري أكان يغمض عينيه في السجود أو يفتحهما حتى أخالفه» (١).
ولا يخفى أنّه مخالف لما نقلنا عنه من أنّ تقيّة الصادق عليهالسلام كان من مالك ، ولا يخفى على من نظر في التواريخ أنّ أحمد بن حنبل لم يكن معاصرا لجعفر بن محمّد عليهالسلام ، بل كان في زمان المأمون ومعاصرا للرضا عليهالسلام ، وقد حبسه المأمون لقوله بقدم القرآن ، وكان مذهب المأمون هو القول بحدوث القرآن ، بل ضربه المأمون ضربا شديدا لعلّه يرجع عن مذهبه الفاسد فلم يرجع ، ويجعل العامّة ذلك من فضائله وكراماته ، والشافعي أيضا لم يكن معاصرا له عليهالسلام ، بل رحل عن مكة إلى المدينة لملاقاة مالك بن أنس ، وقد تتلمذ على يديه وحفظ موطأه في أيام قليلة ، وبرز على أقرانه في مدّة يسيرة ، ولم يلاق أبا حنيفة أصلا ؛ لأنه قد مات في حبس المنصور الدوانيقي لبعض فتاويه الدالّة على وجوب نصرة الفاطمي الذي خرج بالسيف ، وكان زيديّ المذهب ، وقد رحل الشافعي عن المدينة إلى العراق والشام ومصر وغيرها ، واستفاد من كتب أصحاب أبي حنيفة كمحمد بن الحسن وغيره علما كثيرا ، ولقي هارون الرشيد فأعطاه ألف دينار ، واشتهر أمره بعد ذلك ، والظاهر أنّه
__________________
(١) مفتاح الكرامة ٣ : ٣٩٣.