ولا إبقاء أحدهما المعيّن لاشتراك الآخر معه في مناط الدخول من غير مرجّح. أمّا أحدهما المخيّر فليس من أفراد العامّ ، إذ ليس فردا ثالثا غير الفردين المتشخّصين في الخارج ، فإذا خرجا لم يبق شيء ، وقد تقدّم نظير ذلك في الشبهة المحصورة ، وأنّ قوله عليهالسلام : (كلّ شيء حلال حتى تعرف أنّه حرام) (١) لا يشمل شيئا من المشتبهين.
____________________________________
مشكوك الطهارة ، وكان أحدهما المردّد معلوم النجاسة ، وحينئذ لو شمل دليل الاستصحاب كلا المستصحبين يلزم من العمل به عدم العمل به ، لأنّه إذا حكم في كليهما بقاعدة حرمة نقض اليقين بالشكّ يلزم منه عدم العمل بقاعدة وجوب نقض اليقين باليقين ، فيقع التعارض بين الصدر والذيل ، فلا بدّ من الحكم بعدم شمول لا تنقض لكلا الاستصحابين.
ثمّ إبقاء أحدهما المعيّن تحت دليل الاستصحاب وإخراج الآخر وإن كان موجبا لرفع التعارض ، إلّا إنّه ترجيح من غير مرجّح ، كما أشار إليه بقوله :
ولا إبقاء أحدهما المعيّن لاشتراك الآخر معه في مناط الدخول من غير مرجّح.
وهنا احتمال ثالث أشار إليه بقوله : أمّا أحدهما المخيّر فليس من أفراد العامّ.
أي : إبقاء المفهوم الكلّي بعنوان أحدهما المخيّر فليس من أفراد العامّ ، إذ ليس فردا ثالثا غير الفردين المتشخّصين في الخارج ، فإذا خرجا عن الدليل بسبب التعارض لم يبق شيء.
إذ لم يشملهما الدليل لا مجتمعا لكونه مستلزما للتعارض ولا معيّنا للزوم الترجيح من غير مرجّح ولا مخيّرا لأنّ الدليل يشمل الأفراد الخارجيّة ، ومفهوم أحدهما ليس فردا خارجيّا كي يشمله الدليل ، بل أمر منتزع من المشتبهين اللذين لا يشملهما الدليل ، كما عرفت ، وقد تقدّم نظير ذلك في الشبهة المحصورة ، وأنّ قوله عليهالسلام : كلّ شيء لك حلال حتى تعرف أنّه حرام لا يشمل شيئا من المشتبهين لحصول الغاية.
وربّما يقال : إنّ الأصل هو التخيير لا بمعنى دلالة الدليل حتى يقال بأنّه ليس فيه من البدليّة أثر ، ولا بمعنى دلالته على إبقاء مفهوم الأحد حتى يقال بأنّه أمر منتزع من
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠. التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٩. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.