والدليل المفروض إن كان بنفسه يفيد العلم صار المحصّل له عالما بحكم العصير فلا يقتضي الأصل حلّيته ، لأنّه إنّما اقتضى حلّية مجهول الحكم ، فالحكم بالحرمة ليس طرحا للأصل ، بل هو بنفسه غير جار وغير مقتض ، لأنّ موضوعه مجهول الحكم إن كان بنفسه لا
____________________________________
والاحتياط الشرعي والاستصحاب ـ هو الشكّ وعدم العلم بالحكم الواقعي.
وموضوع الثلاثة الأخيرة ـ أعني : البراءة العقليّة والاحتياط العقلي والتخيير العقلي ـ يختلف بعضها عن البعض ، فموضوع الأوّل هو عدم البيان ، وموضوع الثاني هو احتمال العقاب ، وموضوع الثالث هو عدم المرجّح.
ومنها : إنّ الدليل المخالف للاصول إمّا علمي أو ظنّي معتبر. فالصور هي اثنا عشرة.
إذا عرفت هذه المقدّمة ، فنقول : إنّ الدليل المخالف إن كان مفيدا للعلم كان واردا على جميع أقسام الاصول ، وإن كان مفيدا للظنّ كان واردا على الاصول العقليّة وحاكما على الاصول الشرعيّة ، وذلك فإنّ الدليل الوارد ما يرتفع به موضوع الدليل المورود وبالعلم يرتفع موضوع الاصول الشرعيّة ، أعني : الشكّ ، وموضوع الاصول العقليّة ، أعني : عدم البيان واحتمال العقاب وعدم الترجيح ، ولكن بالظنّ لا يرتفع موضوع الاصول الشرعيّة ، لأنّ المراد بالشكّ ليس بمعنى تساوي الطرفين ، بل بمعنى عدم العلم ويرتفع موضوع الاصول العقليّة ، لأنّ الدليل الظنّي بيان ومؤمّن عن العقاب وترجيح لأحد الدليلين ، فلا يكون واردا على الاصول الشرعيّة ، بل يكون حاكما عليها ، بمعنى أنّه يخرج مورد الدليل عن مجرى الأصل ، كما سيأتي في كلام المصنف قدسسره.
وبعد خروج مورد الدليل عن مجرى الأصل لا يبقى التنافي بينهما ، كي يتحقّق التعارض. فنرجع إلى شرح العبارة طبقا لما في شرح الاعتمادي.
والدليل المفروض إن كان بنفسه أي : لا بواسطة دليل اعتباره يفيد العلم كالمتواتر والمحفوف بالقرينة والإجماع المحصّل صار المحصّل له عالما بحكم العصير فلا يقتضي الأصل حلّيته لخروجه عن موضوع الأصل فالحكم بالحرمة ليس طرحا للأصل ، بل هو بنفسه غير جار وغير مقتض.
وبعبارة أخرى : العمل بالدليل العلمي وعدم العمل بالأصل ليس من باب التعارض ثمّ ترجيح الدليل على الأصل ، بل من باب ورود الدليل على الأصل ، لأنّ موضوعه أي :