ثمّ الخاصّ إن كان قطعيّا تعيّن طرح عموم العامّ ، وإن كان ظنّيا دار الأمر بين طرحه وطرح العموم.
____________________________________
فهو تخصيص في المعنى بعبارة التفسير.
وتوضيح المطلب على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي : إنّ للحكومة والتخصيص جهة اشتراك وجهة افتراق ، فيشتركان في أنّ كلّا منهما يفيد خروج بعض الأفراد عن حكم العامّ ، فكما أن قوله : لا تكرم النحاة ، يفيد خروجهم عن عموم العلماء في قوله : أكرم العلماء ، كذلك قوله : لا شكّ لكثير الشكّ يفيد خروج هذا الشكّ عن عموم قوله عليهالسلام : إذا شككت بين الثلاث والأربع فابن على الأكثر (١) أعني : الأربع. وإلى هذه الجهة المشتركة أشار بقوله المتقدّم ، أي : فهو تخصيص ... إلى آخره.
ويفترقان في أنّ التخصيص يحصل بحكم العقل فيما إذا كان الدليلان متنافيين من دون أن يكون أحدهما ناظرا لفظا إلى حال الآخر ، كحكم العقل بأنّ عدم وجوب إكرام النحاة قرينة على عدم إرادة ظاهر أكرم العلماء ، لعدم إمكان الجمع بينهما ، والحكومة تحصل من دلالة نفس اللفظ بأن يكون لسان أحد الدليلين ناظرا إلى حال الآخر ومفسّرا له. فإنّ قوله : لا شكّ مع الكثرة ناظر إلى قوله عليهالسلام : إذا شككت ... إلى آخره ، ويفسّره بأنّ المراد منه غير هذا الشكّ ، وإلى هذه الجهة الفارقة أشار بقوله : بعبارة التفسير.
ثمّ أشار إلى الفرق بين الحكومة والتخصيص من جهة اخرى بقوله :
ثمّ الخاصّ إن كان قطعيّا تعيّن طرح عموم العامّ.
أي : التخصيص إنّما يحصل بالنصوصيّة دون الظهور ، بخلاف الحكومة حيث تحصل بالظهور أيضا ، كما يأتي في كلام المصنف قدسسره.
وحاصل الكلام في هذا الفرق : إنّ الخاصّ إن كان قطعي الدلالة يحكم العقل بكونه قرينة صارفة لظاهر العامّ ، كما في قوله : ولا يجب إكرام النحاة بعد قوله : أكرم العلماء.
وإن كان الخاصّ ظنّي الدلالة كقوله فرضا : ينبغي إكرام النحاة ، بعد قوله : اكرم العلماء ، فلا يحكم العقل بكونه قرينة صارفة عن ظهور العامّ في العموم ، بل يصلح كلّ منهما لرفع
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢١٦ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٠.