سورة براءة ، وما تقدّم من تأمير اُسامة مع غاية حداثة سنّه على أبي بكر وعمر وأمثالهما ، حتّى أنّهما حين أخذا الإمارة كانا مأمورين بأمر اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله تحت يد اُسامة .
وكذا لا نقص في الثاني ؛ إذ (ظاهر أنّه) (١) من الكمال الذي كان شريكه الأعظم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، واندفع ضرره عنه بإعانة اللّه وإطاعة المسلمين له ، وكان يندفع هنا أيضاً لو أطاعوه ، ثمّ لا يخفى ما في هذا العذر من دخول نقص على أبي بكر ، فافهم .
وكذلك ما اعترض به الخوارج (٢) عليه من رضاه بالتحكيم ، فهو أيضاً ممّا يطابق فعل النبيّ صلىاللهعليهوآله في عمرة الحديبية حذو النعل بالنعل ، كما سيأتي بيانه ومرّ أيضاً مجمل بيانٍ له .
وأمّا سائر ما شهّره (٣) به بنو أُمية في زمنهم ، وما ادّعاه معاوية وغيره من مقاتليه فلا شكّ في كون الجميع فرية باتّفاق المسلمين ، حتّى حكموا صريحاً بخطئهم جميعاً . وقد زالت أكثرها لذلك مع كمال شهرتها بين أعدائه ، حتّى إن وجد شيء في بعض الكتب من ذلك القبيل فهو من الغفلة عن حقيقة الحال .
__________________
(١) بدل ما بين القوسين في «م» هكذا : «ظاهراً كان» .
(٢) الخوارج : هم الفرقة المارقة عن الدين ، وقد أخبر بذلك رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، والخارجة على أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام تحت شعارٍ يستبطن النفاق : لا حكم إلاّ للّه ، وكان أشدّهم مروقاً وخروجاً الأشعث بن قيس ، ومسعود بن فدكي ، وزيد بن حصين وغيرهم ، ثمّ انقسموا إلى عشرين فرقة ، أكبرها سبع فِرَق : المحكّمة ، والبيهسية ، والأزارقة ، والنجدية ، والأصفرية ، والأباضية ، والعجاردة .
انظر : وقعة صفّين : ٥١٧ ، المقالات والفِرَق : ١٣٠ ، الفرق بين الفِرَق : ٧٢ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١١٤ ، وصدق الخبر في خوارج القرن الثاني عشر : ١٥ .
(٣) في «م» : «شهرته» .