هذا ، مع قطع النظر عمّا ورد من الصراحة في الإمامة ووجوب الإطاعة ، والإغماض عن سائر ما سيأتي من نصوصها .
وكذا إذا لوحظ أيضاً ـ مع هذا كلّه ـ ما ورد متواتراً مسلّماً بين كافّة الأمّة ـ كما سيأتي مفصّلاً ـ من أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله صريحاً بالتمسّك بعده بكتاب اللّه وعترته أهل بيته الذين أصلهم وأوّلهم علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وأنّهم (١) إن تمسّكوا بهما لن يضلّوا ، وأنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليه الحوض (٢) ، حتّى في بعض رواياته : «لا تقدّموا عليهم ولا تعلّموهم ؛ فإنّهم أعلم منكم» (٣) . وفي بعضها : «اُوصيكم بأهل بيتي» ثلاث مرّات (٤) .
تبيّن (٥) حينئذٍ عياناً وبياناً ـ بحيث لا يبقى وجه شكّ ولا مجال شبهة لكلّ ذي بصر وإنصاف ـ أنّ في هذه القضيّة أيضاً كان صريح مخالفة الأمر ؛ إذ لا أقلّ من لزوم التمسّك بالعترة ولو في المشاورة ، فضلاً عن النصوص الصحيحة والأوامر الصريحة الآتية في وجوب إطاعة عليّ عليهالسلام ، وكذا صريح كون تلك المخالفة لأجل قياس فاسد بمحض استحسان عقل بعضهم رأي بعض بهوى نفوسهم ، فإنّهم حيث اختاروا في السقيفة أبا بكر بنحو ما بيّناه ، فكأنّهم في الحقيقة قاسوه بسائر الصحابة حتّى بعليّ عليهالسلام ، فرجّحوه بما ذكرناه من قرشيّته على الأنصار وسائر من لم يكن من قريش ، وبقِدَم صحبته على من لم يكن كذلك ، وبشيبته أو غيره أيضاً ممّا سيأتي
__________________
(١) في «م» : «وأمرهم» .
(٢) بصائر الدرجات : ٤٣٣ ، ٤٣٤ / ٣ ، ٥ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٦٢ / ٢٥٩ ، معاني الأخبار : ٩٠ ـ ٩١ / ١ ، ٥ ، المناقب لابن المغازلي : ٢٣٤ / ٢٨١ .
(٣) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٦٥٠ و٦٥٥ .
(٤) انظر : صحيح مسلم ٤ : ١٨٧٣ / ٢٤٠٨ ، المناقب لابن المغازلي : ٢٣٦ / ٢٨٤ .
(٥) قوله : «تبيّن» جواب لقوله في ص ١٥٥ : «ثمّ إذا لوحظ هذا . . .» .