ولهذا قالوا عليهمالسلام : « كلّ ما لم يخرج من هذا البيت فهو باطل » (١) ، « وكلّ حقٍّ عند الناس فهو المأخوذ منّا أهل البيت » (٢) .
وصار اتّفاق هذه الفرقة على عدم تحقّق الإيمان إلاّ بعد اعتقاد أنّ الحقّ إنّما هو ما حقّقوه ، أي : الأئمّة ، والباطل ما أبطلوه وإن لم يعلم وجهه ، بل وإن لم يعرف حال الحكم فيه ؛ لكفاية هذا الإجمال عند الجهل بالحال ، ولهذا ورد عن الأئمّة عليهمالسلام أنّهم قالوا : يكفي للمؤمن أن يقول قولي : قول آل محمّد عليهمالسلام فيما وصل إليّ وفيما لم يصل (٣) .
واتّفقوا أيضاً على أن لا اختلاف عند أئمّتهم في شيء من أمر الدين ؛ إذ لا خلاف فيما كان وارداً من اللّه على نهج اليقين ، وأنّ حكم اللّه واحد لا يختلف ، فحلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة (٤) ، لا يكون غيره ولا يجوز .
وإنّما منشأ الاختلاف الحاصل بين الناس هو : أنّه لمّا ترك عامّة الاُمّة اتّباع أهل البيت الطاهرين ، ولم يتوجّهوا إلى اقتفائهم في استكمال اُمور الدين ، فلم يتمسّكوا برأس العترة ورئيسهم الذي هو عليّ عليهالسلام أمير المؤمنين ، ولا ببقيّة الأئمّة المذكورين الذين كانوا ـ كما ذكرنا ـ مستودعي علوم سيّد المرسلين ، واتّخذوا من عند أنفسهم خلفاء جُهّالاً ، ورؤساء ضلاّلاً ، ومع هذا صرفوا عامّة أوقاتهم من حين وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٥٣١ / ٢١ ، مختصر بصائر الدرجات : ١٩٨ / ١٧٩ ، الفصول المهمّة للعاملي ١ : ٥٢٦ / ٧٦٩ .
(٢) انظر : المحاسن ١ : ٢٤٣ / ٤٤٨ ، الكافي ١ : ٣٢٩ / ١ (باب أنّه ليس شيء من الحقّ في يد الناس . . .).
(٣) انظر : مختصر بصائر الدرجات : ٢٢٨ / ٢٢٨ ، و٢٢٩ / ٢٣١ ، و٢٣١ / ٢٣٤ .
(٤) في «س» و«ش» و«ن» زيادة : «كذلك» .