السابقة من العمل بالعلم الوارد من اللّه عزوجل بلا وقوع في الخلاف ، ولا حاجة إلى التشبّث بالرأي الموجب للاختلاف .
وكذا تمسّك من بقي من هؤلاء ومن تبعهم في طريقتهم هذه من حين وفاة (١) عليّ عليهالسلام بوصيّه الحسن عليهالسلام ، وكانوا يأخذون منه ما احتاجوا إليه سماعاً منه عن أبيه ، عن جدّه ، عن اللّه عزوجل ، وهكذا كان بعينه حال الموجودين من هؤلاء ، ومن كان يتبعهم بعد الحسن عليهالسلام من التمسّك بوصيّه الحسين عليهالسلام ، وبعد الحسين من التمسّك بوصيّه وولده عليّ بن الحسين عليهالسلام ، وبعده من التمسّك بوصيّه وولده محمّد بن عليّ الباقر عليهالسلام ، وهلمّ جرّاً إلى آخرهم وقائمهم المهديّ المنتظر (عجّ) .
ولم يكن يجوز الاعتماد عند هؤلاء القوم في كلّ عصر أبداً إلاّ على المأخوذ المسموع من الوصيّ الإمام عليهالسلام ، الآخذ عن آبائه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، عن اللّه عزوجل ؛ ولهذا لمّا اطّلع أهل البصيرة على حقيقة هذه الطريقة عرفوا حقّيّتها ، وجزموا أنّ أهلها هم الفرقة الناجية ؛ لما بيّنّاه من اختصاصهم بالتمسّك في كلّ شيء بما ورد من اللّه ورسوله صلىاللهعليهوآله لا غير ، وإن اتّفق عليه رأي جميع ما سواهما ، فشرعوا يدخلون في دين اللّه أفواجاً مع مصادمتهم من بحار ضلالة مخالفيهم ، وظلمات جور أعاديهم أمواجاً ، بحيث لم يكن يمكنهم الوصول إلى الإمام عليهالسلام إلاّ بعد تمهيدات من خوف الطغاة اللئام إلى أن انكسرت شوكة بني اُميّة ، وذلك في أواخر زمان الباقر عليهالسلام ، فشرع علماء هؤلاء القوم بإكثار الوصول إلى خدمة أئمّتهم عليهمالسلام ، وسؤال المسائل منهم ، وشرع الأئمّة عليهمالسلام أيضاً في إنفاذ الأحكام إليهم ، وبيان معالم الدين
__________________
(١) كذا في النسخ ، والظاهر : «شهادة» أنسب .