اُولئك الأئمّة عليهمالسلام من غير حاجة لهم إلى الاستناد إلى الخيالات الظّنيّة المأخوذة من الرأي والقياس الذي بيّنّا غير مرّة أنّ أصل ذلك من الشيطان الموقع في الوسواس ، ثمّ اشتهر منه بين سائر أصناف الناس .
ومن هذا ظهر أيضاً أنّهم هم مصداق ما مرّ من قول النبيّ صلىاللهعليهوآله: « لا تزال طائفة من اُمّتي ظاهرين على الحقّ ، لا يضرّهم خذلان من خذلهم » (١) ؛ إذ من البيِّن أنّ مراده صلىاللهعليهوآله بهذه الطائفة إنّما هو الطائفة المحقّة التي ذكرنا في حديث الثلاث والسبعين (٢) .
وقد تبيّن ممّا ذكرنا وجود جميع خصوصيّات كلّ واحد من الخبرين في هؤلاء الجماعة دون غيرهم ، كما هو ظاهر من ملاحظة أحوالهم وأحوال من سواهم ، كما ذكرنا مجملاً منها ، ومن أراد تحقيق صدق ما ذكرناه وتفصيل مقالاتهم يكفيه الرجوع إلى واحد من تلك الكتب الذي هو مسمّى بـ : بحار الأنوار ، فإنّه سيجده مشتملاً على بيان جميع ما أشرنا إليه على النهج المأخوذ من الأئمّة أهل بيت العلم والنبوّة ، وفيه من الآيات القرآنيّة والأخبار النبويّة لا سيّما المأخوذة من العترة الهادية ما لا يحصى عدداً بحيث صار ما فيه من روايات الإماميّة فقط أضعاف مضاعفة جميع الروايات التي حوتها كتب مخالفيهم ، حتّى أنّه لم يكتب كتاب مثله في الإسلام ، والشاهد على هذا تتبّع ما فيه .
وبالجملة : مدار هذه الطائفة إنّما هو على متابعة قول هؤلاء
__________________
(١) الصراط المستقيم ٣ : ٨٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٢٣ / ١٩٢٠ ، سنن الترمذي ٤ : ٥٠٤ / ٢٢٢٩ وفيه : بتفاوت يسير ، ومرّ الحديث أيضاً في ص ٢٢١ .
(٢) انظر: الفصل الرابع وص٢٢١ .