بحث الإجماع مفصّلاً ، فافهم حتّى تعلم أنّ الإماميّة لأجل جميع هذه الاُمور المذكورة صرّحوا بأنّ الدليل الشرعي منحصر في الكتاب والسنّة ، أي : الآيات والروايات المعلومة الحجّيّة ، وماسواهما من خطوات الشيطان ، كسائر ما هو متداول بين سائر الطوائف من الآراء والتخيّلات الظنّيّة .
وأمّا ما يوجد في بعض كتب هذه الطائفة من المكالمات الخياليّة والمناظرات العقليّة ، وكذا ما هو موجود بينهم أيضاً من الخلاف في بعض المسائل ، لا سيّما الفرعيّة (١) ـ فإنّ عمدة المسائل الاُصوليّة ممّا لم يختلف فيه علماء الإماميّة ببركة (٢) العترة الطاهرة ـ فليس بمناقض لما عليه أساس مذهبهم أصلاً ، ولا منافٍ لأصل طريقتهم بوجه أبداً ، ولا يلزم عليهم بذلك توهّم مشاركتهم مع غيرهم من سائر الطوائف في وجود الاختلاف المذموم بينهم والافتراق واستعمال الرأي والظنّ الممنوع الذي سبب الخطأ والشقاق ؛ لأنّ الحقّ الصحيح والبيّن الصريح ـ كما ينادي به تفحّص أحوالهم وتصفّح أقوالهم ـ أنّ ذلك ليس لأجل ما زعمه بعض المتوهّمين من دلالته على كون اعتقادهم مدخلية الرأي في الدين ، بل إنّما هو أمر حادث عرضهم اضطراراً ، وابتلوا به من جهة المخالفين .
ولا بأس في تبيين ذلك هاهنا ؛ لنفعه في غير موضع ممّا سيأتي في ضمن نقل بعض المقال ، ودفعه أوهامَ جماعةٍ ممّن جهل حقيقة الأحوال ، فاستمع لما يتلى عليك ، واقبل الحقّ الذي يظهر لديك .
اعلم أنّه لمّا استقام بناء حكاية السقيفة ، حتّى انجرّ الأمر إلى تعيين
__________________
(١) في النسخ : «الفروعيّة» . والصحيح ما أثبتناه .
(٢) في « م » زيادة : «ما اختارته» .