زمان كما بيّنّاه سابقاً بأبين تبيين ، حتّى ظهر أنّه هكذا كانت سيرة النبيّ صلىاللهعليهوآله وأصحابه في أوائل الإسلام مع المشركين ، بل في المدينة أيضاً مع بعض المخالفين المنافقين .
ثمّ إنّ ذلك القانون هو مضمون الأخبار التي رواها عنهم جمع من أجلّة أصحابهم منهم عمر بن حنظلة (١) في روايته المقبولة عند كلّ الإماميّة ، قال : سألت أبا عبداللّه عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَيْن أو ميراث ، فتحاكما إلى السلطان أو إلى القُضاة ، أيحلّ ذلك ؟ قال : « من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً له ؛ لأنّه أخذه بحكم الطاغوت ، وقد أمر اللّه أن يُكفر به ، قال اللّه عزوجل : ( يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ ) (٢) » .
قلت : فكيف يصنعان ؟
قال : « ينظران إلى من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حَكَماً فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً ، فإذا حكم بحكمنا ، فلم يقبله منه فإنّما استخفّ بحكم اللّه ، وعلينا ردَّ ، والرادّ علينا رادٌّ على اللّه ، وهو على حدّ الشرك باللّه » .
قلت : فإن كان كلّ واحد اختار رجلاً من أصحابنا ، فرضيا أن يكونا
__________________
(١) يكنّى أبا صخر العجلي البكري ، عدّه الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الباقر عليهالسلام ، واُخرى من أصحاب الصادق عليهالسلام ، وعن الشهيد أنّه قال : الأقوى عندي أنّه ثقة ؛ لقول الصادق عليهالسلام في حديث الوقت : « إذاً لا يكذب علينا » .
انظر : رجال الطوسي : ١٤٢ / ١٥٢٩ ، و٢٥٢ / ٣٥٤٢ ، تنقيح المقال ٢ : ٣٤٢ / ٨٩٨٦ .
(٢) سورة النساء ٤ : ٦٠ .