قال : «فلعلّه الذي يقيس الأشياء برأيه» ، ثمّ قال : «يا نعمان ، هل تحسن أن تقيس رأسك ؟ » قال : لا .
قال : «فهل عرفت الملوحة في العينين ، والمرارة في الاُذنين ، والبرودة في المنخرين ، والعذوبة في الفم ؟ » قال : لا .
قال : «فهل عرفت كلمة أوّلها كفر وآخرها إيمان ؟ » قال : لا .
قال أبو ليلى : فقلت : جعلت فداك لا تدعنا في عمى ممّا وصفت ؟
قال : «نعم ، حدّثني أبي عن آبائي أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال . . .» ووصف أسرار جميع ما ذكر ، ثمّ قال : «فأمّا كلمة أوّلها كفر وآخرها إيمان فقول : لا إله إلاّ اللّه » .
ثمّ قال : «يا نعمان ، إيّاك والقياس ؛ فإنّ أبي حدّثني عن آبائه عليهمالسلام أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال : من قال شيئاً من الدين برأيه قرنه اللّه تعالى مع إبليس ، فإنّه أوّل من قاس ، حيث قال : ( خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ) (١) فدعوا الرأي والقياس ؛ فإنّ دين اللّه لم يوضع على ذلك» (٢) .
وفي رواية اُخرى أنّه قال لأبي حنيفة : «أنت مفتي أهل العراق ؟ » .
قال : نعم .
قال : «بمَ تفتيهم ؟ » قال : بكتاب اللّه .
قال : «إنّك عالم بكتاب اللّه ؟ » قال : نعم ، فسأله عن آيات منه لم يقدر أن يفسّرها على وجهها .
فقال أبو حنيفة : إنّما أنا صاحب قياس .
فقال الصادق عليهالسلام : «أيّما أعظم عند اللّه القتل أو الزنا ؟ » قال : بل القتل .
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ١٢ .
(٢) علل الشرائع ١ : ٨٨ / ٤ ، و٩١ / ٦ (باب ٨١) ، الاحتجاج ٢ : ٢٦٦ / ٢٣٦ .