أقول : قد نقل جماعة عن رجل من أصحاب الصادق عليهالسلام أنّه قال : دخلت على أبي حنيفة ، فرأيت حوله كتباً عظيمة ، فقال : هذه كلّها في الطلاق ، فقلت : ما فعلت شيئاً ، قد ذكر اللّه ما كفى في قوله عزوجل : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) (١) .
فقال لي : إذا ادّعيت هذا فأخبرني عن رجل زنى تسعة وتسعين زنية (٢) جزء منه حرّ وجزء منه رقّ ، فكيف يحدّ ؟
قلت : لقد روى لنا الصادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه كان يضرب بتمام السَّوْط وبنصفه وبثلثه وبربعه ، وهكذا على قدر الحاجة .
قال الرجل : فلمّا سمع أبو حنيفة ذلك منّي غضب ، وقال : سأسألك عمّا لا تقدر على جوابه ولو بعد حين : أيّ شيء تقول في سمكة اُخرجت من البحر فكان رأسها كذا وكذا وجسدها كذا وكذا ؟
فقلت : أيّ شيء تريد تكون ؟ روى لنا الصادق عليهالسلام أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال : «كلّ ما كان له فلس فكلوه ، وما لم يكن له فلس فاجتنبوه» فسكت ولم يحر جواباً (٣) .
وفي التاريخ المذكور أيضاً: أنّ الشعبي كان يذمّ الرأي ويفتي بالنصّ (٤) .
ونقل فيه : عن مجالد (٥) أنّه قال : سمعت الشعبي يقول : لعن اللّه
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٢٩ .
(٢) لم ترد في «ن» و«س» .
(٣) لم نعثر على صريح ألفاظه ، وانظر : رجال الكشّي : ٤٤٨ / ٧١٨ ، والاختصاص : ٢٠٦ ، وبحار الأنوار ٤٧ : ٤٠٩ / ١٢ .
(٤) تاريخ الإسلام (حوادث ١٠١ ـ ١٢٠) : ١٣٠ .
(٥) هو مجالد بن سعيد بن مجالد بن عمير الهمداني ، يكنّى أبا عمير ، كان نسّابة ،