وإن أطاقاه بمشقة كفرا بل حكى الثاني والرابع منهم الإجماع عليه للأصل ، ومناسبة الفدية لكون المفدي مقدورا عليه في الجملة ، وصحيح ابن مسلم (١) المتقدم في تفسير الآية الظاهر في كون الشيخ الكبير وذوي العطاش يطيقان الصوم ومن المعلوم أن منهما من لا يطيقه ، فلا بد من حمله على تخصيص الفدية بمن أطاقه منهما دون من لا يطيقه ، وظهور جملة مما دل عليها في المطيق كالمتضمن لفظ « يضعف » و « لا حرج » ونحوهما ، إلا أن الجميع كما ترى ، ضرورة انقطاع الأصل ببعض ما عرفت فضلا عن جميعه ، ومنع المناسبة المزبورة أو عدم صلاحيتها دليلا ، ومعارضة صحيح ابن مسلم بغيره من الأخبار الواردة في تفسير الآية التي ادعى بعضهم أنها منسوخة ، فتخرج حينئذ عما نحن فيه ، وعدم انحصار الدليل في الخبر الظاهر في ذلك بعد تسليم ظهوره ، وأما الإجماع المحكي فهو موهون بما عرفت ، ومن الغريب الاستدلال بقوله عليهالسلام : « فان لم يقدرا » في صحيح ابن مسلم (٢) وقوله عليهالسلام : « فان كانت له قدرة » في خبر الكرخي (٣) بتخيل كون المراد القدرة على الصوم ، وهو كما ترى ، إذ لا ريب في ظهورهما أو صراحتهما خصوصا خبر الكرخي في إرادة القدرة على الصدقة ، كما هو واضح.
ومن هنا قال المصنف والأول أظهر لكن ظاهره أن القول المزبور انما هو في الشيخين دون ذي العطاش ، وليس كذلك ، فان سلار على ما حكي عنه قد نفى الفدية عنه مع اليأس من برئه ، وعن ابن حمزة التوقف فيها وإن كانا محجوجين بما عرفت ، بل قطع المحقق الشيخ علي بعدم القضاء والفدية على المأيوس من برئه فاتفق أنه بريء ، واختاره المقداد في التنقيح ، كما أن الفاضل في محكي التلخيص نفى الفدية عنه واقتصر على القضاء في المأيوس الذي بريء ، وقطع في
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب من يصح منه الصوم الحديث ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب من يصح منه الصوم الحديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب من يصح منه الصوم الحديث ١٠.