وينبغي القطع بالجواز إذا كان سفر الأولى قبل أشهر الحج وقبل تضييق الوقت الذي يمكن إدراكه فيه ، لأنه الأصل ، ولا مقتضي للخروج عنه ، قلت : لعل المقتضي تحقق الخطاب بالمقدمات ، والأصل عدم مقدمة أخرى تقوم مقام هذه المتيسرة ، وخصوصا إذا كان المظنون عدم حصولها ، فهو في الحقيقة كإتلاف الطهورين بعد الوقت مع عدم العلم بحصول غيرهما ، فاكتفاؤه بمجرد الاحتمال كما ترى.
نعم قد يقال إن له التأخير مع الوثوق الذي ذكره في الدروس ، مع أن الظاهر استقرار الحج بالتمكن من الرفقة الأولى ، كمن وجبت عليه الصلاة ومضى وقت يمكن أن يفعلها ولم يفعلها ومات مثلا ، فإنه لا إشكال في تحقق وجوب القضاء عليه بذلك ، على أنه في الفرض مندرج في جميع النصوص الدالة (١) على أن من استطاع الحج ولم يحج ومات فان شاء أن يموت يهوديا أو نصرانيا ونحوها ، فمن الغريب اكتفاء السيد المزبور بما سمعت ، ودعواه القطع بالجواز فيما عرفت ، وإطلاق التذكرة يمكن تنزيله على ما لا يشهد له من غلبة التأخير مع الوثوق ، على أن كلامه مفروض في حج النائب على ما صرح به ، وحكم الأجير يتبع رضي المستأجر ، ومعلوم منه عادة المضايقة في التأخير مع عدم الوثوق ، ولو سلم جواز التأخير في حق النائب فلا يلزم منه الجواز لغيره ، إذ الفورية فيه تتبع العقد ، وفي غيره تثبت بمقتضى الدليل ، ومع اختلافهما في المدرك لا يجب توافقهما في الحكم.
ثم إن ما ادعاه من القطع انما يستقيم لو كان وجوب قطع المسافة لتعلق الخطاب المنجز ، وهو باطل ، وإلا لزم جواز التخلف عن الوفد الخارج قبل أشهر
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب وجوب الحج.