« وهل » إلى آخره كتب في آخرها انها منه « فيه تنبيه على قاعدتين : إحداهما إجزاء حج من حج بمجرد البذل ، ثانيتهما عدم إجزاء حج من حج متسكعا ، ولا فرق بينهما معقولا سوى أن المتسكع حج لا مع الوجوب ، والمبذول له حج مع الوجوب ، فيلزم من ذلك أن الاجزاء لا ينفك عن سبق الوجوب ، ولما كان الاجزاء حاصلا مع البذل دل على سبق الوجوب الاجزاء ، وذلك يستلزم الوجوب بمجرد البذل ، فانتفى الإشكال في الاستقرار بمجرد البذل من غير قبول قولا ، إلا أن يقال إشارة إلى جواب هذا الكلام وتقريره صحة المقدمات إلا قولكم : « وذلك يستلزم الوجوب بمجرد البذل » وسند منع صحتها أن ضروريات الاجزاء الوجوب على الإطلاق لا الوجوب بمجرد البذل ، ونحن نقول : الاجزاء مستند إلى قبول البذل إما قوليا كقبلت ، أو فعليا كاستمراره مع البذل على ذلك الممكن ، وهذا لا تردد فيه ، ولا يلزم منه وجوب القبول الذي فيه النزاع ، فالإشكال باق بحاله ، وهذا كلام بين لا يدفعه إلا ظاهر الرواية ، وابن إدريس اختار هذا أعني عدم وجوب القبول ، وقد أشار إليه الفاضل في التذكرة ، ولا بأس به » انتهى.
وهو كالصريح في عدم وجوب القبول نحو ما سمعت من الفاضل الذي قد خالف بذلك النص والفتوى ، بل ما ذكره هو أولا في التذكرة من معقد نسبته إلى علمائنا فضلا عن معقد إجماع غيره ، بل ومعقد إجماعه في غيرها كالمنتهى ، قال فيها : « ولو لم يكن له زاد وراحلة أو كان ولا مئونة له لسفره أو لعياله فبذل له باذل الزاد والراحلة ومئونته ومئونة عياله مدة غيبته وجب الحج عليه عند علمائنا ، سواء كان الباذل قريبا أو بعيدا لأنه مستطيع » وفي المنتهى « ولو بذل له زاد وراحلة ونفقة له ولعياله وجب عليه الحج مع استكمال الشروط الباقية