وجوب اختيار المتبرع بالحج عنه للنيابة حينئذ وإن وجب الحج من الميقات مع التعذر مطلقا.
وكيف كان فـ ( الأول أشبه ) للأصل ومحكي الإجماع وعدم اشتراط الحج بالمسير إلا عقلا ، فهو على تقدير وجوبه واجب آخر لا دليل على وجوب قضائه ، ولذا لو سار المستطيع في بلده إلى أحد المواقيت لا بنية الحج ثم أراده فأحرم صح وإن أساء بتأخير النية ، وكذا لو أفاق المجنون عند الميقات بل لو قلنا بتبعية القضاء للأداء لم يجب هنا ، ضرورة أن القول بذلك انما هو لتوهم تحليل الخطاب المتعلق بالأداء إلى إيجاب مطلق الفعل وإيجابه أداء ، ومن المعلوم أن دليل وجوب المقدمة لا يصلح لذلك ، إذ هو انما يعقل في شأن المكلف بالأداء ، على أن التبعية المزبورة على تقدير تسليمها انما تقتضي الوجوب من بلد الاستطاعة دون بلد المنزل والموت ، ولا ريب في بطلانه ، اللهم إلا أن يقال إن ذلك كذلك إن لم ينتقل إلى ما هو أقرب منه إلى الميقات ، وإلا وجب القضاء منه ، إلا أن الجميع كما ترى شك في شك ، والتحقيق ما عرفت ، مضافا إلى إطلاق ما دل من المعتبرة المستفيضة (١) على وجوب القضاء من دون تقييد بناء على عدم انصرافه إلى خصوص البلد ، بل قد يؤيد أيضا بصحيح حريز (٢) « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة فقال : لا بأس ، إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجة » إذ لو كان الطريق معتبرا لم ينف البأس عن ذلك ، فان قوله : « من الكوفة » إن جعل متعلقا بقوله : « يحج عنه » كان من مسألة من استؤجر على طريق فحج على
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٨ ـ من أبواب وجوب الحج.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب النيابة في الحج ـ الحديث ١.