عن أبي عبد الله عليهالسلام « من أقام بالمدينة وهو يريد الحج شهرا أو نحوه ثم بدا له أن يخرج في غير طريق المدينة فإذا كان حذاء الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها » إلا أن الجميع كما ترى لا دلالة فيه على الإحرام من محاذاة الأقرب إلى مكة ولعله لذا فسر ثاني الشهيدين العبارة بغير ذلك ، قال في شرحها : « موضع الخلاف ما لو لم يحاذ ميقاتا فإنه يحرم عند محاذاته علما أو ظنا ، لصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام ، ومعنى غلبة الظن بمحاذاة أقرب المواقيت حينئذ بلوغ محل بينه وبين مكة بقدر ما بين مكة وأقرب المواقيت إليها ، وهو مرحلتان علما أو ظنا ، ووجه هذا القول أن هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلا محرما من أي جهة دخل ، وانما الاختلاف يقع فيما زاد عليها ، فهي قدر متفق عليه ، والوجه الآخر أنه يحرم من أدنى الحل عملا بأصل البراءة من الزائد ، والأول أقوى » وفي المدارك « وهذا المعنى بعيد من اللفظ ، فان الظاهر من اعتبار محاذاة أقرب المواقيت إلى مكة أنه مع تعدد المواقيت التي يتحقق محاذاتها في الطريق يجب الإحرام من محاذاة أقربها إلى مكة دون الأبعد ، وما ذكره قدسسره خلاف معنى المحاذاة ، فتأمل ».
قلت : لكن إقامة الدليل عليه حينئذ في غاية الصعوبة ، إذ لم نعثر إلا على صحيح ابن سنان ، وهو يقتضي خلافه ، بل لم نتحقق القائل الذي حكاه حينئذ في ذلك ، إذ المحكي عن ابن إدريس أنه أطلق إذا حاذى أحد المواقيت أحرم من المحاذاة ، وابن سعيد أن من قطع بين الميقاتين أحرم بحذاء الميقات ، بل عن المبسوط التصريح باعتبار أقرب المواقيت اليه ، وهو خيرة الفاضل في المحكي من منتهاه ، بل قال : « والأولى أن يكون إحرامه بحذاء الأبعد من المواقيت من مكة ، فإن كان بين ميقاتين متساويين في القرب إليه أحرم من حذو أيهما شاء » وفي المدارك بعد أن حكى عن الفاضل ما سمعت قال : « وما ذكره المصنف أجود