فتدبر. ولعله لذا لم يجب عن الحلي أحد من المتأخرين إلا بابتناء مذهبه هنا على مذهبه في أخبار الآحاد من عدم حجيتها ، وهو ضعيف ، وعلى هذا فالمعتبر من الإحرامين ثانيهما كما هو ظاهر المختلف والمنتهى وغيرهما ، خلافا للشهيدين فأولهما ، قال ثانيهما : « إذ لا وجه لإبطال الإحرام بعد انعقاده ، فلا وجه لاستئناف النية ، بل ينبغي أن يكون المعاد هو التلبية واللبس خاصة » انتهى وفيه ما عرفت من ظهور النص في الابطال من جهة لفظ الإعادة المفهوم منه ذلك عرفا وعادة ، هذا مضافا إلى ما ذكره بعض المحدثين في الجواب عنه بأن النية الأولى انما كانت معتبرة بمقارنة اللبس والتلبية مثل نية الصلاة المقارنة للتكبير ، فإذا بطل تكبيرة الإحرام بطلت النية الأولى ، فكذا هنا ».
قلت لا يخفى عليك ما فيه ، بل هو من غرائب الكلام ، ضرورة أن ما ذكره من الإعادة اصطلاح لأهل الأصول لا يحمل عليه ما في النصوص ، على ان قولهم : « كاخلال بشرط » إلى آخره قاض بخلافه هنا ، ضرورة عدمه ، على أنه بعد حمل الأمر بالإعادة على الندب لا يتم ما ذكره من الظهور المزبور ، الفرض أنه قد اعترف أولا بالاستحباب ، على أن مقتضاه حصوله بالإعادة نفسها ولم يسمع من أحد كونه من مبطلات الإحرام ، وما حكاه عن بعض المحدثين لا نعرف له حاصلا ، إذ لم يقل أحد ببطلان اللبس والتلبية المستلزمين لبطلان النية قياسا على تكبيرة الإحرام ، وانما ذكر ثاني الشهيدين بعد الحكم بصحة الإحرام الأول أن الإعادة التي لا تقتضي بطلانه تتحقق بابتداء التلبية واللبس من غير حاجة إلى تجديد نية ، فأقصى ما فيه إمكان تحقق الإعادة التامة بدونها لا أنه يقول ببطلان التلبية واللبس دونها ، وبالجملة هذا الكلام كله لا يسطر.
بقي الكلام في قول الفاضل في القواعد بعد أن حكم بالإعادة أي ندبا : « وأيهما المعتبر إشكال ، وتجب الكفارة بالمتخلل بينهما » فان ظاهره المفروغية من