قيل والتهذيب وإن كان لا صراحة بل ولا ظهور في عبارته ، لعدم خطاب الصبي بالاجتناب ، خصوصا غير المميز منه ، وانما الواجب على الولي أن يجنبه ، فهو غرم أدخله هو عليه بالإحرام به كالنفقة الزائدة ، ولصحيح زرارة (١) السابق ، لكن فيه قتل الصيد خاصة ، مع أن ظاهر المصنف والفاضل في الإرشاد وغيرهما عدم الفرق بين ما يوجب الكفارة عمدا وسهوا كالصيد وما في معناه وما يوجب الكفارة عمدا لا سهوا ، إلا أن المحكي عن الشيخ وأكثر الأصحاب كما في المدارك والذخيرة اختصاص الحكم بالأول ، قال في المدارك : اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع النص ، وهو الصيد ، أي وما في معناه مما يوجبها عمدا وسهوا ، إذ لا قائل بالوجوب فيه خاصة ، بل لعل الإجماع المركب على خلافه ، فيختص الوجوب بما يوجبها عمدا وسهوا دون ما لا يوجبها إلا عمدا ، للقاعدة المزبورة التي لا يعارضها كون الولي المخاطب ، فان ذلك لا يوجب الكفارة عليه بعد الأصل ، وعدم تناول دليلها له كما اختاره في المدارك ، ولكن قد ناقشناه سابقا بأن الولي هو السبب شرعا في ترتب ذلك ، وكون عمد الصبي خطأ انما هو في الديات ، وخطاب الكفارات والفداء أشبه شيء بخطاب الأسباب ، وبظهور كون الصيد على الأب والذبح عليه والصوم عليه وغير ذلك مما عساه يظهر منه ترتب هذه الأحكام للإحرام عليه دون الصبي ، خصوصا غير المميز.
وبذلك كله يظهر لك شدة ضعف ما عن ابن إدريس من عدم الوجوب مطلقا ، لأن عمد الصبي خطأ ، فلا يجب عليه ما يعتبر العمد في وجوبه ، كما أن قاعدة الاقتصار تقتضي عدم وجوبها أيضا فيما يجب على العامد والناسي ، لأن
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٧ ـ من أبواب أقسام الحج ـ الحديث ٥.