فكثير من العلماء فسّروه بـ : « الطاهر في نفسه المطهّر لغيره ». حتّى أنّ الشيخ في التهذيب أسنده إلى لغة العرب.
ثمّ احتجّ له بأنّه لا خلاف بين أهل النحو أنّ اسم فعول موضوع للمبالغة وتكرار (١) الصفة. ألا ترى أنّهم يقولون : فلان
ضارب ، ثمّ يقولون : ضروب إذا تكرّر منه ذلك وكثر.
قال : « وإذا كان كون الماء طاهرا ليس ممّا يتكرّر ويتزايد فينبغي أن يعتبر في إطلاق الطهور عليه غير ذلك ، وليس بعد ذلك إلّا أنّه مطهّر. ولو حملناه على ما حملنا عليه لفظة الفاعل لم يكن فيه زيادة فائدة وهذا فاسد » (٢).
وفي هذه الحجّة نظر ؛ لتوقّفها على ثبوت الحقيقة الشرعيّة لطهارة الماء ونحوه شرعا ـ أعني ما يقابل النجاسة ـ ليكون إطلاق الطهارة في الآية محمولا عليها ، ويتمّ ما ذكره من عدم التكرّر والتزايد فيها ؛ لأنّ المعنى الشرعي هو الذي لا تزايد فيه ، وقد قدّمنا بيان ضعف القول بثبوت الحقائق الشرعية (٣).
والمعنى اللغوي للطهارة قابل للزيادة فيجوز أن يكون استعمال فعول في الآية باعتبار زيادة نظافة الماء ونزاهته. ولا ينافيه الاحتجاج بها على الحكم بالطهارة شرعا ؛ لدخولها في المعنى اللغوي ولو بالقرينة.
سلّمنا أنّ الحقائق الشرعيّة ثابتة وأنّ للطهارة حقيقة ، لكنّ امتناع إجراء
__________________
(١) في نسخة « أ » : تكرّر. وهو الموجود في نسخة التهذيب ، طبعة دار الكتب الإسلاميّة بطهران. وفي نسخة « ب » : تكرير.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٢١٤ ، الباب : ١٠.
(٣) راجع مقدّمة معالم الدين : مبحث الحقيقة الشرعيّة.