وبأنّه عليهالسلام كان من أهل المدينة فالظاهر أنّه يجيب بما هو المعهود عنده.
وأجاب الأوّلون عن الوجه الأوّل بالمعارضة بمثله ؛ فإنّ المكلّف مع تمكّنه من الطهارة المائيّة لا يشرع له العدول إلى الترابيّة. ولا يحكم بنجاسة الماء إلّا بدليل شرعيّ. فإذا لم يقم على النجاسة فيما نحن فيه دليل كان الاحتياط في استعمال الماء ، لا في تركه.
وعن الثاني بأنّ المهمّ في نظر الحكيم هو رعاية ما يفهمه السائل ، وذلك إنّما يحصل بمخاطبته بما يعهده من اصطلاح بلده ، ولم يعلم أنّ السائل كان مدنيّا ، فلا ترجيح من هذه الحيثيّة. وكلامهم في هذا متّجه.
وأمّا جوابهم عن الوجه الأوّل فموضع نظر ؛ لأنّ الأخبار الدالّة على اعتبار الكرّية اقتضت كونها شرطا لعدم انفعال الماء بالملاقاة فما لم يدلّ دليل شرعيّ على حصول الشرط يجب الحكم بالانفعال.
وبهذا يظهر ضعف احتجاجهم بالأصل على الوجه الذي قرّروه ؛ لأنّ اعتبار الشرط مخرج عن حكم الأصل. هذا.
والإشكال متوجّه إلى أصل الحكم أيضا ؛ إذ (١) لم يتحقّق الإجماع عليه.
والخبر ـ كما ترى ـ مرسل. وقبول الأصحاب له باعتبار كونه من مراسيل ابن أبي عمير قد بيّنا ما فيه.
ولعلّ انضمام خبر محمّد بن مسلم (٢) إليه مع ملاحظة التقريب الذي ذكر فيه ، مضافا إلى عمل الأصحاب يدفع هذا الإشكال ، فيقرب القول الأوّل حينئذ.
__________________
(١) في « ب » : إن.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ١٢٤ ، أبواب الماء المطلق ، الباب ١١ ، الحديث ٣.