ـ مادّة ومنهجا ـ إلى مدرسة جبل عامل التي ازدهرت بعد عودة الشهيد الأوّل من الحلّة إليها.
وحاول الشهيد الأوّل ( م ٧٨٦ ه ) أن يجعل من مدرسة جبل عامل مدرسة فقهية متطوّرة بعد عودته إلى جزّين التي كانت فيها مدرسة علمية معروفة قبل الشهيد .. فإنّه لم يقتصر على ما حصّله في الحلّة من علوم ومعارف بل طاف البلاد الإسلامية وقرأ على عدد من مشايخ السنّة بمكّة والمدينة وبغداد ومصر ودمشق وبيت المقدس ومقام الخليل إبراهيم عليهالسلام ، وكان لهذا الانفتاح الثقافي والفقهي أثر واضح في شخصية الشهيد وتآليفه ودروسه وفي مدرسة جزّين التي طوّرها بجهوده.
وقد عمل الشهيد في هذه الفترة على تنظيم علاقة الامّة بالفقهاء من خلال شبكة الوكلاء الذين ينوبون عن الفقهاء في تنظيم شئون الناس في دينهم ودنياهم كما يقومون بجمع الحقوق المالية الشرعية لتوزيعها على مستحقّيها بنظر الفقيه الجامع لشرائط الفتوى والمرجعية.
ويبدو أنّ الشهيد الأوّل هو أوّل من أسّس هذا التنظيم الذي يريط الفقيه المتصدّي لشئون الامّة بقاعدته بواسطة شبكة الوكلاء. وقد استمرّ هذا التنظيم ونما وتطوّر فيما بعد إلى يومنا هذا.
وكان الشهيد يتردّد خلال فترة عمله في جزّين على دمشق كثيرا ، وكان له في دمشق بيت عامر بالعلماء وطلبة العلم من مختلف المذاهب الإسلامية.
كما ألّف الشهيد كتاب ( اللمعة الدمشقية ) إجابة لدعوة الأمير الشيعي علي ابن مؤيّد حاكم خراسان الذي أرسل إليه وزيره يستقدمه إلى خراسان ليكون مرجعا للمسلمين هناك فاعتذر الشهيد بعذر جميل وأرسل إليه هذا المختصر الخالد في الفقه ليكون منهاجا لتنظيم شئون الدولة عليه. وقد ضمّن الشهيد