نظريته السياسية حول ولاية الفقيه كتابه هذا وبذلك يكون قد أدخل الفقه إلى عالم السياسة الدولية بشكل علمي وعملي وزرع بذور النظام السياسي الإمامي في وقت مبكّر. وقد طبّق المحقّق الكركي ( م ٩٤٠ ه ) نظرية الشهيد هذه خلال فترة تسلّمه منصب شيخ الإسلام في الدولة الصفوية كما سنرى.
واهتمّ الشهيد بتدوين القواعد الفقهية وهي أوّل محاولة يقوم بها فقيه إمامي بالإضافة إلى اهتمامه باصول الفقه الذي تجلّى في كتاب ( جامع البين في فوائد الشرحين ) حيث جمع فيه فوائد الشرحين الضيائي والعميدي على تهذيب العلّامة في علم الاصول. وقد سار الشهيد الثاني على خطى الشهيد الأوّل فشرح أكثر كتبه وعلّق عليها وقد استخدم القواعد الفقهية وبشكل واسع في أبواب المعاملات بنحو لا نجد له نظيرا في كتب من تقدّمه كما نجده في كتابه ( الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ).
وبهذا نخلص إلى أهمّ ما أنجزته مدرسة جبل عامل حتّى النصف الأوّل من القرن العاشر الهجري بعد أن ورثت مدرستي بغداد والحلّة الفقهيّتين وذلك كما يلي :
١ ـ تدوين القواعد الفقهية.
٢ ـ التوسّع في تدوين فقه المعاملات بالاستعانة بالقواعد الفقهية.
٣ ـ تنظيم علاقة الامّة بالفقهاء من خلال شبكة الوكلاء.
٤ ـ دخول الفقه إلى ميدان السياسة الدولية نظرية وتطبيقا من خلال تأصيل النظرية السياسية الإمامية في عصر الغيبة في الكتب الفقهية والتصدّي المباشر لمنصب ولاية الفقيه خلال الحكم الصفوي.
وإلى هنا نقف على ما آل إليه الفقه الإمامي حتّى عصر صاحب المعالم لنرى طبيعة الظروف السياسية والاجتماعية في عصره ومجمل التطوّرات