استهلاكه للنجاسة فيستوي وقوعها قبل البلوغ وبعده. والثاني : أنّ الإجماع واقع على طهارة الماء الكثير إذا وجدت فيه نجاسة ، ولم يعلم هل كان وقوعها قبل بلوغ الكرّية أو بعده. وما ذاك إلّا لتساوي الحالين ؛ إذ لو اختصّ الحكم ببعديّة الوقوع لم يكن للحكم بالطهارة وجه ؛ لأنّه كما يحتمل تأخّره عن البلوغ يحتمل تقدّمه عليه.
واحتجّ ابن ادريس بالإجماع. وبقوله عليهالسلام : « إذا بلغ الماء كرّا لم يحمل خبثا » ، وهو عامّ. وزعم أنّ هذه الرواية مجمع عليها عند المخالف والمؤالف. وبالعمومات الدالّة على طهارة الماء وجواز استعماله كقوله تعالى ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) وقوله ( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ) وقوله عليهالسلام لأبي ذر : « إذا وجدت الماء فأمسه جسدك » ، وقوله عليهالسلام : « أمّا أنا فلا اريد (١) أن احثوا على رأسي ثلاثة حثيات (٢) فإذا إنّي قد طهرت » (٣).
والجواب : أمّا عن احتجاج المرتضى رحمهالله فبأنّ الأوّل منه قياس ؛ لأنّ الذي دلّ عليه النصّ إنّما هو استهلاك النجاسة الواقعة بعد البلوغ ، فإلحاق المتقدّمة عليه بها محض القياس. على أنّ الفارق بينهما موجود ؛ فإنّ الماء في صورة التأخّر طاهر ، فإذا وقعت النجاسة فيه قوي على دفعها بطهوريّته ، وفي صورة التقدّم نجس. فعند اجتماعه يكون منقهرا (٤) بالنجاسة ، فلا قوّة له على دفعها.
والوجه الثاني ضعيف جدّا ؛ لأنّ الوجه في الحكم بالطهارة ـ في الفرض
__________________
(١) في « أ » : فلا ازيد.
(٢) في « ج » : حيثات.
(٣) السرائر : ١ : ٦٣ ـ ٦٦.
(٤) في « ب » : متغيرا بالنجاسة.