الذي ذكره ـ هو أصالة الطهارة السالمة عن معارضة يقين النجاسة ؛ إذ عدم العلم بتقدّم الوقوع وتأخّره يقتضي الشك في التقدّم الذي هو السبب في النجاسة ، فلا جرم تكون النجاسة مشكوكا فيها فلا تعارض يقين الطهارة.
وأمّا عن احتجاج ابن ادريس رحمهالله فبالمطالبة بإثبات الإجماع على وجه يصلح حجة ؛ إذ لا يكفي نقل مثله ممّن ظهر منهم في الإجماع ما أحوج إلى حمله على خلاف ظاهره الذي جرى عليه الاصطلاح ، كما سبق التنبيه عليه.
قال المحقق رحمهالله ـ بعد نقله الاحتجاج بالإجماع ـ : لم نقف على هذا في شيء من كتب الأصحاب ، ولو وجد كان نادرا. بل ذكره المرتضى في مسائل متفرّدة. وبعده اثنان أو ثلاثة ممّن تابعه. ودعوى مثل هذا إجماعا غلط ؛ لأنّا (١) لسنا بدعوى المائة نعلم دخول الإمام فيهم ، فكيف بفتوى (٢) الثلاثة والأربعة (٣)؟! ».
والخبر الأوّل غير مرويّ في كتب الأخبار ، بل هو من الأحاديث المرسلة التي لا تعويل عليها ، ودعواه (٤) الإجماع على العمل بمضمونه من المخالف والمؤالف عجيبة.
قال المحقق رحمهالله في جوابه عنه : إنّا لم نروه مسندا ، والذي رواه مرسلا المرتضى رحمهالله والشيخ أبو جعفر ، وآحاد ممّن جاء بعده. والخبر المرسل لا يعمل به ، وكتب الحديث عن الأئمة عليهمالسلام خالية عنه أصلا. وأمّا المخالفون فلم أعرف به عاملا سوى ما يحكى عن ابن حيّ ، وهو زيديّ منقطع المذهب ، وما رأيت
__________________
(١) في المعتبر : إذ لسنا.
(٢) في « ب » : فكيف نقوّي الثلاثة والأربعة.
(٣) المعتبر ١ : ٥٣.
(٤) في « ج » : ودعوى الإجماع.