ويراد بحلّ الوضوء منها زوال المرجوحية على استعمالها ؛ إذ لا ريب في رجحان النزح في الجملة فيكون الاستعمال فيه مرجوحا.
وأمّا عن الخبر الثاني : فباحتمال إرادة المعنى اللغوي من الطهارة فلا يدلّ على حصول النجاسة.
وقول بعض الأصحاب أنّ ثبوت الحقيقة الشرعيّة يمنع من الحمل على اللّغوية بتقدير تسليمه غير مجد ؛ لأنّ المعروف بينهم أنّ المعنى الشرعي للطهارة لا يتناول إزالة النجاسة.
على أنّ هذا الحديث لم يثبت عندي صحة سنده.
وأمّا عن الثالث : فبأنّ الإفساد أعمّ من النجاسة ، فلا دلالة للنهي عنه على حصولها. ومن الجائز أن يكون المراد به ما يترتّب على الوقوع من إثارة الطين ، والحمأة ، وتغيّر الماء ، مع حاجة النّاس إليه في الشرب.
وما قيل : من أنّ الإفساد وقع في حديثي الطهارة والنجاسة ـ فكلّما يقال على أحدهما يمكن إيراده على الآخر ـ فظاهر السقوط ؛ لأنّ الإفساد في خبر الطهارة عام ؛ لوقوعه في سياق النّفي فيتناول إفساد النجاسة بعمومه ، إذ هو خاصّ به كما ذكرناه ، بخلافه في حديث النجاسة ؛ فإنّ النهي عنه لا يدلّ على حصول جميع أنواعه ليشمل ما يكون منها بواسطة النجاسة ، بل إنّما يدلّ على حصوله في الجملة فيجوز أن يراد به ما يكون بغير النجاسة ، لا سيّما بقرينة الوقوع ، فلا يكون له دلالة على المدّعى ، وذلك ظاهر.
حجّة البصروي ـ على ما ذكره بعض الأصحاب ـ رواية الحسن بن صالح الثّوري ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إذا كان الماء في الرّكى (١) كرّا لم ينجّسه
__________________
(١) في « ب » : في الركوة.