واحتجّ المحقّق رحمهالله بأنّ ما لا نفس له سائلة ليس بنجس ولا ينجس شيء بموته فيه. نعم روي أنّ له سمّا فيكره لذلك (١).
بمثل هذا علّل العلّامة عليه الرحمة الحكم في بعض كتبه. ويلوح منه في المختلف التوقّف حيث حكى الأقوال في المسألة والحجج من غير تعرّض لها بترجيح أو ردّ إلّا احتجاج ابن إدريس فإنّه ـ بعد نقله عنه التمسّك في عدم الوجوب بأنّه لا نفس له ـ قال : وهو جيّد ، ويجوز أن يكون الأمر بالنزح من حيث الطبّ (٢) لحصول الضرر في الماء بالسمّ لا من حيث النجاسة ، ولا شكّ أنّ السلامة من الضرر أمر مطلوب للشارع فلا استبعاد في إيجاب النزح لهذا الغرض (٣). وعندي في هذا الكلام نظر.
والتحقيق : أنّ كلام الصدوق والشيخين مبنيّ على ما سيأتي نقله عنهم في باب النجاسات ـ من حكمهم بنجاسة الوزغ ميّتا ـ فهو على ذلك التقدير حسن ، لكنّ القول بنجاسته ضعيف ، كما سيجيء. وحينئذ يشكل الحكم بوجوب النزح له. ولا يزول بالتكلّفات التي ذكرها العلّامة إلّا أن يجعل الوجوب للتعبّد. ومعه لا يحتاج إليها.
وأمّا على ما اخترناه فالأمر هيّن ؛ لأنّ التنظيف (٤) مطلوب ، ولا شكّ في تأثير الميّتة في بعض أجزاء الماء ولو قليلا فيستخبث في الجملة ، لا سيّما فيما هو معدّ للشرب ونحوه ، فيحسن تنظيفه بإخراج ماء يزول معه الاستخباث ، وهذا
__________________
(١) المعتبر ١ : ٧٥.
(٢) في « ب » : من حيث الطيب.
(٣) مختلف الشيعة ١ : ٢١٢.
(٤) في « ب » : لأنّ التطيّب مطلوب.