وذهب ابن إدريس وابن زهرة إلى وجوب نزح الجميع (١) ، واختاره أكثر المتأخّرين تفريعا على القول بالانفعال.
أمّا إيجاب الأربعين فلم نقف له على حجّة وأكثر الأصحاب اعترفوا بذلك أيضا. والحديث الذي ذكره الشيخ في المبسوط غير موجود في كتب الحديث ، فلا نعرف حال سنده ، مع أنّ في متنه قصورا أيضا ؛ لأنّ متعلّق نزح الأربعين غير مذكور ، والدلالة موقوفة عليه.
وقد اتّفق لبعض الأصحاب التشبّث في دفع الإشكالين بأنّ الشيخ رحمهالله ثقة ثبت فلا يضرّ إرساله ؛ لأنّه لا يرسل إلّا عن الثقات ، وأنّ الظاهر من احتجاجه به دلالة صدره المحذوف على محلّ النزاع.
وهذا الكلام من الضعف بمكان ؛ أمّا حديث الإرسال فظاهر وقد مضى البحث فيه في موضعه. وأمّا توجيه الدلالة ؛ فلأنّ احتجاج الشيخ به إنّما يدلّ على ظنّه لها ، وذلك غير كاف بالنسبة إلينا ، كيف! واحتمال الخطأ قائم في الظنون كما هو واضح.
وأمّا القول بالثلاثين فظاهرهم الاستناد فيه إلى رواية كردويه السابقة في حكم وقوع ماء المطر المصاحب للنجاسات المخصوصة حيث قال فيها : « ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت مبخرة » (٢).
قال العلّامة أعلى الله مقامه في المختلف ـ بعد أن حكى عن الشيخ كلامه في المبسوط واحتجاجه للأربعين بالحديث الذي ذكره ـ : « والنقل الذي ادّعاه الشيخ لم يصل إلينا ، وإنّما الذي بلغنا في هذا الباب حديث واحد ، وهو ما رواه
__________________
(١) : السرائر ١ : ٨٢. وغنية النزوع : ٤٩٠ ، من الجوامع الفقهية.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٦١٣ ، الحديث ١٣٠٠.