للاحتجاج فهي متناولة للصورتين. وما ذكره من التعليل لطهارة غسالة الإناء جار بعينه في غسالة الثوب كما لا يخفى.
والحقّ أنّه إن كان على النجاسة دليل تعيّن المصير إليها ، ولا ينافيه الحكم بطهارة المحلّ إذ لا معنى للنجس إلّا ما أمر الشارع باجتنابه وإزالة أثره.
وأيّ بعد في أن يوجب الشارع اجتناب ما ينفصل من الغسالة عن الثوب والبدن والإناء ، ولا يوجبه في المتخلّف والباقي منها؟ وإن لم يكن هناك دليل فالأصل يقتضي براءة الذمّة من التكليف بالاجتناب ووجوب الإزالة في الجميع.
فالفروق التي تذكر كلّها ضعيفة لا تنفكّ عن علّة التحكّم (١).
ولو فرض اختصاص الدليل ببعضها لكان هو المقتضي للحكم فيجب التمسّك به فيه وإبقاء ما سواه على حكم الأصل.
إذا عرفت هذا فالتحقيق عندي في هذه المسألة أنّه ليس في النقل ما يمكن استفادة الحكم بالنجاسة فيها منه إلّا رواية العيص بن القاسم ، وقد احتجّ بها الشيخ في الخلاف ـ كما رأيت ـ لنجاسة الغسلة الاولى مع أنّه لا تقييد فيها ، ولذلك احتجّ غيره بها على النجاسة في الكلّ ، ولكنّي لم أقف عليها مسندة ؛ إذ لم أرها في كتب الحديث الموجودة الآن بعد التتبّع والاستقراء بقدر المجال ، وإنّما أوردها الشيخ في الخلاف وبعده المحقّق في المعتبر ، ثمّ العلّامة في المنتهى مرسلة عن العيص (٢). ولعلّ الشيخ أخذها من كتاب العيص حيث ذكر في الفهرست أنّ له كتابا (٣).
__________________
(١) في « ج » : كلّها ضعيفة لا تنفه عن علّة الحكم.
(٢) المعتبر ١ : ٩٠. ومنتهى المطلب ١ : ١٤٢.
(٣) الفهرست : ١٢١ ، الرقم ٥٣٦ ، منشورات الشريف الرضي.